موصولٌ عند ابن أبي شيبةَ من حديث سلمةَ ابن الأكوع، قال: بعثت قريشٌ بسُهَيل بن عَمرو وحويطب بن عبد العُزَّى إلى النَّبيِّ ﷺ ليصالحوه، فلمَّا رأى النَّبيُّ ﷺ سُهيلًا قال:«قد سَهُل لكم من أمركم» وهذا من باب التَّفاؤل، وكان ﵇ يعجبه الفأل الحسن، وأتى بـ «من» التَّبعيضيَّة في قوله: «مِنْ أمركم» إيذانًا بأنَّ السُّهولة الواقعة في هذه القصَّة ليست عظيمة، قيل: ولعلَّه ﵊ أخذ ذلك من التَّصغير الواقع في سُهَيل، فإن تصغيره يقتضي كونه ليس عظيمًا.
(قَالَ مَعْمَرٌ) بالإسناد السَّابق أيضًا: (قَالَ الزُّهْرِيُّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ (فِي حَدِيثِهِ) السَّابق، فحديث عكرمة معترض في أثنائه:(فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو) وفي رواية ابن إسحاق: فلمَّا انتهى إلى النَّبيِّ ﷺ جرى بينهما القول، حتَّى وقع بينهما الصُّلح، على أن تُوضَع الحرب عشر سنين، وأن يأمن (١) بعضُهم بعضًا، وأن يرجع عنهم عامهم (فَقَالَ) سُهيلٌ: (هَاتِ) بكسر التَّاء (اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا. فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ الكَاتِبَ) هو عليُّ بن أبي طالبٍ (فَقَالَ) له (النَّبِيُّ ﷺ اكتُبْ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ) ولأبي ذر: «فقال»(سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ؟) ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «ما هي» بتأنيث الضَّمير، أي: كلمة الرَّحمن (وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ) وكان ﵊ يكتب كذلك في بدء الإسلام، كما كانوا يكتبونها في الجاهليَّة، فلمَّا نزلت آية النَّمل كتب: بسم الله الرحمن الرحيم، فأدركتهم حميَّة الجاهليَّة (فَقَالَ المُسْلِمُونَ: وَاللهِ لَا نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ) لعليٍّ ﵁(اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، ثُمَّ قَالَ)﵊: اكتب (هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ وَلَا قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: وَاللهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي) بتشديد المعجمة، وجزاؤه محذوفٌ (اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ بالسَّند السَّابق: (وَذَلِكَ) أي: إجابته لسؤال سهيل حيث قال: