للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القياس أن يقول: والله قد أوفى الله ذمَّتك، لكنَّ القسم محذوفٌ، والمذكور مؤكِّدٌ له، ولغير أبي ذرٍّ: «إليك ذمَّتك» (قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَنْجَانِي اللهُ مِنْهُمْ، قَالَ النَّبِيُّ : وَيْلُ أُمِّهِ) برفع اللَّام في رواية أبي ذرٍّ، خبر مبتدأٍ محذوفٍ (١) أي: هو ويلٌ لأمِّه، وقطع همزة «أمِّه» وتشديد ميمها مكسورة، وفي نسخةٍ: «ويلُ امِّه» بحذف الهمزة تخفيفًا، وفي أخرى: «ويلَ امِّه» بنصب اللَّام على أنَّه مفعولٌ مطلقٌ. قال الجوهريُّ: وإذا أضفته فليس فيه إلَّا النَّصب، وفي «اليونينيَّة»: «ويلِ أمِّه» بكسر اللَّام وقطع الهمزة، قال ابن مالكٍ تبعًا للخليل: وي: كلمة تعجُّبٍ، وهي من أسماء الأفعال، واللَّام بعدها مكسورةٌ، ويجوز ضمُّها إتباعًا للهمزة وحذف الهمزة تخفيفًا، وقال الفرَّاء: أصل قولهم: ويل فلان: وي لفلان، أي: حُزنٌ له، فكثر الاستعمال، فألحقوا بها اللَّام فصارت كأنَّها منها، وأعربوها (مِسْعَرَ حَرْبٍ) بكسر الميم وسكون السِّين وفتح العين المهملتَين، بالنَّصب على التَّمييز أو الحال، مثل: لله درُّه فارسًا، ولأبي ذَرٍّ: «مسعرُ» بالرَّفع، أي: هو مسعر، و «حربٍ»: مجرورٌ بالإضافة، وأصل «ويل»: دعاءٌ عليه، واستُعمِل هنا للتَّعجُّب من إقدامه في الحرب والإيقاد لنارها وسرعة النُّهوض لها (لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ) ينصره لإسعار الحرب، لأثار الفتنة وأفسد الصُّلح (فَلَمَّا سَمِعَ) أبو بصيرٍ (ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ) (سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ البَحْرِ) بكسر السِّين المهملة وسكون التَّحتيَّة، وبعدها (٢) فاءٌ، أي: ساحله في موضعٍ يُسمَّى العِيْص -بكسر العين المهملة وسكون التَّحتيَّة، آخره صادٌ مهملةٌ- على طريق أهل مكَّة إذا قصدوا الشام (قَالَ: وَيَنْفَلِتُ) بالفاء والمثنَّاة الفوقيَّة، أي: ويتخلَّص (مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ) أي: من أبيه وأهله من مكَّة، وعبَّر بصيغة الاستقبال إشارة إلى إرادة مشاهدة الحال؛ على حدِّ قوله تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ (٣) الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا﴾ [الروم: ٤٨] وفي رواية أبي الأسود عن عروة: «وانفلت (٤) أبو جندل في سبعين راكبًا مسلمين» (فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ) بسيف البحر (فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ


(١) «محذوف»: مثبتٌ من (د).
(٢) في (د): «آخره».
(٣) في (د) و (س): «﴿أَرْسَلَ﴾»، وهي آية، وبدايتها: ﴿وَاللهُ﴾.
(٤) في (م): «انقلب».

<<  <  ج: ص:  >  >>