للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحمصيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ) عبد الله بن ذكوان (عَنِ الأَعْرَجِ) عبد الرَّحمن بن هرمز (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا) بالنَّصب على التَّمييز، وليس فيه نفيُ غيرِها، وقد نقل ابن العربيِّ: أنَّ لله ألفَ اسمٍ، قال: وهذا قليلٌ فيها، ولو كان البحر مدادًا لأسماء ربي؛ لنفد البحر قبل أن تنفد أسماء ربي ولو جئنا بسبعة أبحر مثله مدادًا. وفي الحديث: «أسألك بكل اسمٍ هو لك، سمَّيتَ به نفسك، أو أنزلتَه في كتبك (١)، أو علَّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك» وإنمَّا خصَّ هذه لشهرتها. ولما كانت معرفة أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية، إنَّما تُعلَم من طريق الوحي والسُّنة، ولم يكن لنا أن نتصرَّف فيها بما لم يهتد إليه مبلَغُ علمِنا ومنتهى عقولِنا، وقد مُنِعنا عن إطلاق (٢) ما لم يردْ به التَّوقيف في ذلك وإن جوَّزه العقل وحكم به القياس؛ كان الخطأ في ذلك غير هيِّنٍ (٣)، والمخطئُ فيه غيرَ معذورٍ، والنُّقصانُ عنه (٤) كالزِّيادة فيه غيرَ مرضيٍّ، وكان الاحتمال في رسم الخطِّ واقعًا باشتباه تسعةٍ وتسعين في زلَّة الكاتب، وهفوة القلم بسبعةٍ وسبعين، أو سبعةٍ وتسعين، أو تسعةٍ وسبعين، فينشأ الاختلاف في المسموع من (٥) المسطور، أكَّده حسمًا للمادَّة وإرشادًا إلى الاحتياط بقوله: (مئةً) بالنَّصب على البدليَّة (إِلَّا) اسمًا (وَاحِدًا) ولأبي ذَرٍّ: «إلَّا واحدةً» بالتَّأنيث ذهابًا (٦) إلى معنى التَّسمية أو الصِّفة أو الكلمة (مَنْ أَحْصَاهَا) علمًا وإيمانًا أو عدًّا لها حتَّى يستوفيها، فلا يقتصر على بعضها، بل يثني على الله، ويدعوه بجميعها، أو مَن عقلها، وأحاط بمعانيها، أو حفظها (دَخَلَ الجَنَّةَ).

وبقيَّة مباحث هذا الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في محالِّها، وكأنَّ المؤلِّف أورده ليستدلَّ به على أنَّ الكلام إنَّما يتمُّ بآخره، فإذا كان فيه استثناءٌ أو شرطٌ عُمِل به، وأُخِذَ ذلك من قوله: «مئةً إلَّا واحدًا» وهو في الاستثناء مسلَّمٌ، فلو قال في البيع: بعت من هذه الصُّبرة مئةَ صاعٍ إلَّا


(١) في (د): «كتابك».
(٢) في (د): «الإطلاق».
(٣) في (ب): «عين» وهو تحريفٌ.
(٤) في (م): «منه».
(٥) في (ص): «عن».
(٦) «ذهابًا»: سقط من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>