للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالمصدر، تقديره: ما حقُّه بيتوتة (١) ليلتين إلَّا وهو بهذه الصِّفة، وهذا معنى قوله في «المصابيح»: أن يبيت ليلتين (٢)، ارتفع بعد حذف «أن» مثل قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ﴾ [الروم: ٢٤] وقال في «الفتح» نحوه، وتعقَّبه العينيُّ، فقال: هذا قياسٌ فاسدٌ، وفيه تغيير المعنى أيضًا، وإنَّما قدَّر «أنْ» في قوله تعالى: ﴿يُرِيكُمُ الْبَرْقَ﴾ لأنَّه في موضع الابتداء؛ لأنَّ قوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ في موضع الخبر، والفعل لا يقع مبتدأً، فَتُقَدَّر (٣) «أنْ» فيه حتَّى يكون في معنى المصدر، فيصحُّ حينئذٍ وقوعه مبتدأً، فمن له ذوقٌ في العربية يفهم هذا، ويعلم تغيير المعنى فيما قال. انتهى. ولم يجب عن ذلك في «انتقاض الاعتراض» بشيءٍ بل بيَّض له ككثيرٍ من الاعتراضات الَّتي أوردها العينيُّ عليه، لكن يدلُّ لِمَا قالوه رواية النَّسائيِّ من طريق فُضَيل بن عياضٍ، عن عبيد الله بن عمر، عن نافعٍ، عن ابن عمر، حيث قال فيها: «أَنْ يبيتَ» فصرَّح بـ «أن» المصدريَّة، والتَّعبير بالمسلم جرى على الغالب، وإلَّا فالذِّميُّ كذلك، فإن الكفَّار مخاطَبون بالفروع. فإن قلت: الوصيَّة شُرِعَت زيادةً في العمل الصَّالح، والكافر لا عمل له بعد الموت. أُجِيبَ: بأنَّهم نظروا إلى أنَّ الوصيَّة كالإعتاق، وهو صحيحٌ من الذِّميِّ والحربيِّ، أو التَّعبير بالمسلم من الخطاب المسمَّى عند البيانيِّين بالتَّهييج، أي: الَّذي يمتثل أمر الله ويجتنب نواهيه إنَّما هو المسلم، ففيه إشعارٌ بنفي الإسلام عن تارك ذلك، وقال الشَّافعيُّ فيما حكاه النَّوويُّ: معنى الحديث: ما الحزم (٤) والاحتياط للمسلم إلَّا أن تكون وصيَّته مكتوبةً عنده، وروى البيهقيُّ في «المعرفة» ممَّا قرأته فيها عن الشَّافعيِّ أيضًا أنَّه قال في قوله: «ما حقُّ امرئٍ» يحتمل ما لامرئ أن يبيت ليلتين إلَّا ووصيَّته مكتوبةٌ عنده، ويحتمل: ما المعروف في الأخلاق إلَّا هذا، لا من وجه الفرض. انتهى. وقد أُجمِعَ على الأمر بها، لكن مذهب الأربعة أنَّها مندوبةٌ لا واجبةٌ، ولا دلالة في حديث الباب لمن قال بالوجوب، وكيف وفي رواية مسلمٍ من طريق عبيد الله بن عمر (٥) وأيُّوب: «يريد أن يوصي فيه» (٦) فجعل


(١) في (د): «بيتوتته».
(٢) «ليلتين»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٣) في (د): «فيقدَّر» كذا في العمدة.
(٤) في (ص): «أحزم».
(٥) في (د): «عبد الله بن عمرو» وليس بصحيحٍ.
(٦) في (د): «به».

<<  <  ج: ص:  >  >>