للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَقَبَضْتُ) ذلك (مِنْهُ جَازَ) إقرارها (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ) قيل: المراد السَّادة الحنفيَّة (لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ) أي: المريض لبعض الورثة (لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ) أي: بهذا الإقرار (لِلْوَرَثَةِ) ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي: «بسوء» بالموحَّدة بدل اللَّام. قال العينيُّ: لم يعلِّل الحنفيَّة عدم جواز إقرار المريض لبعض الورثة بهذه العبارة؛ بل لأنَّه ضرر لبقيَّة الورثة. ومذهب المالكيَّة كأبي حنيفة: إذا اتُّهِم، وهو اختيار الرُّويانيِّ من الشَّافعيَّة، والأظهر عندهم أنَّه يُقبَل مطلقًا كالأجنبيِّ لعموم أدلة الإقرار ولأنَّه انتهى إلى حالةٍ يَصْدُقُ فيها الكذوب، ويتوب فيها الفاجر (١)، فالظَّاهر أنَّه لا يقرُّ إلَّا بتحقيقٍ (ثُمَّ اسْتَحْسَنَ) أي: بعض النَّاس (فَقَالَ: يَجُوزُ إِقْرَارُهُ) أي: المريض (بِالوَدِيعَةِ وَالبِضَاعَةِ وَالمُضَارَبَةِ (٢)) والفرق بين هذه والدَّين: أنَّ مبنى الإقرار بالدَّين على اللُّزوم، ومبنى الإقرار بهذه على الأمانة، وبين اللُّزوم والأمانة فرقٌ ظاهرٌ، قاله العينيُّ.

(وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ (٣) : إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ) أي: أكذب في الحديث من غيره؛ لأنَّ الصِّدق والكذب يوصف بهما القول لا الظَّنُّ، وهذا طرفٌ من حديثٍ، وصله المؤلِّف في «الأدب» [خ¦٦٠٦٦] وساقه هنا لقصد الرَّدِّ على مَن أساء الظَّنَّ بالمريض، فمنع تصرُّفه، وهذا مبنيٌّ على تعليل بعض النَّاس بسوء الظَّنِّ، وقد علَّلوا بخلافه كما مرَّ (وَلَا يَحِلُّ مَالُ المُسْلِمِينَ) أي: المقرِّ لهم من الورثة (لِقَوْلِ النَّبِيِّ ) السَّابق موصولًا في «كتاب الإيمان» [خ¦٣٣] من حديث أبي هريرة: (آيَةُ المُنَافِقِ إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) قال الكِرمانيُّ: فإن قلت: ما وجه دلالته عليه؟ قلت: إذا وجب ترك الخيانة وجب الإقرار بما عليه، فإذا أقرَّ فلا (٤) بدَّ من اعتبار إقراره، وإلَّا لم يكن لإيجاب الإقرار فائدة.

(وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٥٨] فَلَمْ يَخُصَّ وَارِثًا وَلَا غَيْرَهُ) أي: لم يفرِّق بين الوارث وغيره في ترك الخيانة ووجوب أداء الأمانة إليه، فيصحُّ الإقرار للوارث أو غيره، قاله الكِرمانيُّ، ونازع العينيُّ البخاريَّ في الاستدلال بهذه الآية لما ذكره: بأنَّه على تقدير تسليم اشتغال ذمَّة المريض بشيءٍ في نفس الأمر لا يكون إلَّا دينًا مضمونًا، فلا


(١) «ويتوب فيها الفاجر»: مثبتٌ من (ب) و (د) و (س).
(٢) في (د): «المضاربة والبضاعة».
(٣) «النبيُّ»: سقط من (د).
(٤) في غير (ب) و (س): «لا»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>