للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أَنْ يَأْكُلَ) من رَيعه (وَلَمْ يَخُصَّ إِنْ وَلِيَهُ عُمَرُ أَوْ غَيْرُهُ) ولم يأمره بإخراجه عن (١) يده، فكان تقريره لذلك دالًّا على صحَّة الوقف وإن لم يقبضه الموقوف عليه، قاله في «الفتح» واشترط المالكيَّة لصحَّة الوقف خروجه عن يد واقفه، وأن يقبضه الموقوف عليه، وبه قال محمَّد بن الحسن.

(قَالَ) ولأبي ذرٍّ: «وقال» (النَّبِيُّ ) ممَّا سبق موصولًا من طريق إسحاق ابن أبي طلحة [خ¦٢٧٥٢] (لأَبِي طَلْحَةَ: أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ فَقَالَ) أبو طلحة (أَفْعَلُ. فَقَسَمَهَا فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ) واستشكل الدَّاوديُّ الاستدلال بهذا على صحَّة الوقف قبل القبض، بأنَّه حملٌ للشَّيء على ضدِّه وتمثيله بغير جنسه، فإنَّه دفع صدقته إلى أبيِّ بن كعب وحسَّان. وأجاب ابن المُنَيِّر: بأنَّ أبا طلحة أطلق صدقةَ أرضه (٢)، وفوَّض إلى النَّبيِّ مصرفها، فلمَّا قال له: «أرى أن تجعلها في الأقربين»، ففوض له قسمتها بينهم، صار كأنَّه أقرَّها في يده بعد أن مضت الصَّدقة. انتهى. وقد وقع التَّصريح في الحديث كما سيأتي إن شاء الله تعالى [خ¦٢٧٦٩] بأنَّ أبا طلحة هو الَّذي تولَّى قسمتها. قال في «الفتح»: وبذلك يتم الجواب. انتهى. وقرأت في «المعرفة» للبيهقيِّ في ترجمة تمام الحبس بالكلام دون القبض. قال الشَّافعيُّ: ولم يزل عمر بن الخطَّاب المتصدِّق بأمر النَّبيِّ يلي -فيما بلغنا- صدقته حتَّى قبضه الله، ولم يزل عليُّ بن أبي طالبٍ يلي صدقته حتَّى لقي الله، ولم تزل فاطمة تلي صدقتها حتَّى لقيت الله، أخبرنا بذلك أهل العلم من ولد عليٍّ وفاطمةَ وعمر ومواليهم، ولقد حُفِظَت الصَّدقات عن عددٍ كثيرٍ من المهاجرين والأنصار، ولقد حكى لي عددٌ كثيرٌ من أولادهم وأهليهم: أنَّهم لم يزالوا يلون صدقاتهم حتَّى ماتوا، ينقل ذلك العامَّة منهم عن العامَّة، لا يختلفون فيه، وإنَّ أكثر ما عندنا بالمدينة ومكَّة من الصَّدقات لكما وَصَفْتُ، لم يزل يتصدَّق بها المسلمون من السَّلف يلونها حتَّى ماتوا.


(١) في (د): «من».
(٢) في (د): «أطلق صدقته».

<<  <  ج: ص:  >  >>