المُشاكَلَة والازدواج؛ وهو أن تكون إحدى اللَّفظتين موافقةً للأخرى، وإن خالفت معناها، والمَلال: ترك الشَّيء استثقالًا وكراهةً له بعد حِرصٍ ومحبَّةٍ فيه، فهو من صفات المخلوقين، لا من صفات الخالق تعالى، فيحتاج إلى تأويلٍ، فقال المحقِّقون: هو على سبيل المجاز لأنَّه تعالى لمَّا كان يقطع ثوابه عمَّن قطع العمل ملالًا عبَّر عن ذلك بـ «الملال»، من باب تسمية الشَّيء باسم سببه، أو معناه: لا يقطع عنكم فضله حتَّى تملُّوا سؤالَه (وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ) أي: الطَّاعة (إِلَيْهِ) أي: إلى الرسول ﷺ، وفي رواية المُستملي:«إلى الله» وليس بين الرِّوايتين تخالفٌ لأنَّ ما كان أحبَّ إلى الله كان أحبَّ إلى رسوله، وفي رواية أبي الوقت والأَصيليِّ:«وكان أحبُّ» بالرَّفع اسمُ «كان»(مَا دَاوَمَ) أي: واظب (عَلَيْهِ صَاحِبُهُ) وإن قلَّ، فبالمُداوَمة على القليل تستمرُّ الطَّاعة، بخلاف الكثير الشَّاقِّ، وربَّما ينمو القليل الدَّائم حتَّى يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا كثيرةً، وهذا من مزيد شفقته ﷺ ورأفته بأمَّته؛ حيث أرشدهم إلى ما يصلحهم، وهو ما يمكنهم الدَّوام عليه من غير مشقَّةٍ، جزاه الله عنَّا ما هو أهله، وسقط عند الأَصيليِّ قوله «ما داوم عليه صاحبه»، والتَّعبير بـ «أحبَّ» هنا يقتضي أنَّ ما لم يداوم عليه صاحبه من الدِّين محبوبٌ، ولا يكون هذا إلَّا في العمل ضرورةَ أنَّ (١) تركَ الإيمان كفرٌ، قاله في «المصابيح».
وفي هذا الحديث: الدَّلالة على استعمال المجاز، وجواز الحلف من غير استحلافٍ، وأنَّه لا كراهة فيه إذا كان لمصلحةٍ، وفضيلة المُداوَمَة على العمل، وتسمية العمل دِينًا، وقد أخرجه