للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(وَقَوْلُِ اللهِ تَعَالَى) بالجرِّ عطفًا على المجرور أو بالرَّفع، ولأبي ذرٍّ: «﷿» بدل قوله: «تعالى» (١) (﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ﴾) أي: طلب من المؤمنين أن يبذلوا أنفسهم وأموالهم في الجهاد في سبيل الله؛ ليثيبهم الجنَّة، وذكر الشِّراء على وجه (٢) المثل (٣)؛ لأنَّ الأنفس والأموال كلَّها لله، وهي عندنا عاريةٌ، ولكنَّه تعالى أراد التَّحريض والتَّرغيب في الجهاد، وهذا كقوله تعالى: ﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ [البقرة: ٢٤٥] والباء في ﴿بِأَنَّ﴾ للمعاوضة، وهذا من فضله تعالى وكرمه وإحسانه، فإنَّه قَبِلَ العوض عمَّا يملكه بما تفضَّل به على عباده المطيعين له، ولذا قال الحسن البصريُّ: بايعهم والله فأغلى ثمنهم، وقال عبد الله بن رواحة لرسول الله ليلة العقبة: اشترط لربِّك ولنفسك ما شئت، فقال: «أشترط لربِّي أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئًا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني ممَّا تمعنون (٤) منه (٥) أنفسكم وأموالكم» قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: «الجنَّة» قالوا: ربح البيع، لا نقيل ولا نستقيل. فنزلت: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ﴾ (﴿فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾) أي: في طاعته مع العدوِّ، وهذا كما قال (٦) الزَّمخشريُّ: في معنى الأمر، أو هو بيانُ ما لأجله الشِّراء (﴿فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾) أي: يقتلون العدوَّ، ويقتلهم (﴿وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا﴾) مصدرٌ مؤكِّدٌ، أي: إن هذا الوعد الَّذي وعده للمجاهدين في سبيله وعدٌ ثابتٌ قد أثبته (﴿فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ﴾) مبالغة في الإنجاز وتقرير لكونه حقًّا (﴿فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ﴾ [التوبة: ١١١ - ١١٢]) أي: فافرحوا به غاية الفرح، فإنَّه


(١) في (د): «بدل قول الله تعالى» وهو تصحيف.
(٢) في (ص): «سبيل».
(٣) في (د): «التَّمثيل».
(٤) في (ص): «تمنعوا».
(٥) في (ب): «به».
(٦) في (ص): «قاله».

<<  <  ج: ص:  >  >>