للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لرمضان في الجنَّة (١)، استدرك قوله الأوَّل بقوله الثَّاني: «إنَّ في الجنَّة مئة درجةٍ … » إلى آخره، وتُعقِّبَ: بأنَّ التَّسوية ليست على عمومها، وإنَّما هي في أصل دخول الجنَّة لا في تفاوت الدَّرجات كما مرَّ، وقال الطِّيبيُّ في «شرح المشكاة»: هذا الجواب من الأسلوب الحكيم أي: بشِّرهم بدخول الجنَّة بالإيمان والصَّوم والصَّلاة ولا تكتفِ بذلك، بل زد (٢) على تلك البشارة بشارةً أخرى، وهي الفوز بدرجات الشُّهداء فضلًا من الله، ولا تقنعْ بذلك أيضًا، بل بشِّرهم بالفردوس الَّذي هو أعلى، وتعقَّبه في «فتح الباري»، فقال: لو لم يرد الحديث إلَّا كما وقع هنا لكان ما قال متَّجهًا، لكنْ ورد في الحديث زيادةٌ دلَّت على (٣) أنَّ قوله: «إنَّ (٤) في الجنَّة مئة درجةٍ» تعليلٌ لتلك البشارة المذكورة، فعند التِّرمذيِّ من رواية معاذٍ: قلت: يا رسول الله، ألا أخبر النَّاس؟ قال: «ذرِ النَّاس يعملون فإن في الجنَّة مئة درجةٍ» فظهر أنَّ المراد: لا تبشِّر النَّاس بما ذكرته من دخول الجنَّة لمن آمن وعمل الأعمال المفروضة عليه فيقفوا عند ذلك، ولا يتجاوزوه إلى ما هو أفضل منه من الدَّرجات الَّتي تحصل بالجهاد، وهذه هي النُّكتة في قوله: «أعدَّها الله للمجاهدين» وتعقَّبه العينيُّ: بأنَّ قوله: «لكن وردت في الحديث زيادةٌ … » إلى (٥) آخره، غيرُ مسلَّمٍ، لأنَّ الزِّيادة المذكورة في حديث معاذ بن جبلٍ، وكلام الطِّيبيِّ وغيره في حديث أبي هريرة، وكلُّ واحد من الحديثين مستقلٌّ بذاته والرَّاوي مختلف، فكيف يكون ما في حديث معاذٍ تعليلًا لما في حديث أبي هريرة، على (٦) أنَّ حديث معاذٍ لا يعادل حديث أبي هريرة ولا يدانيه، فإنَّ عطاء بن يسار لم يدرك معاذًا. انتهى. وهذا الَّذي قاله العينيُّ ليس مانعًا ممَّا ذكره


(١) زاد في شرح المشكاة هنا: «ورأى استبشار الراوي بما سمعه لسقوط مشاقّ الجهاد عنهم، وعدم امتياره في نيل الجنة» شرح المشكاة للطيبي.
(٢) في (م): «يرِد».
(٣) «على»: مثبتٌ من (ب) و (د) و (س).
(٤) «إنَّ»: مثبتٌ من (ب) و (د) و (س).
(٥) «إلى»: ليس في (د ١) و (ص).
(٦) في (م): «إلَّا».

<<  <  ج: ص:  >  >>