للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَبِنَتَيْنِ) ذكرهما مرَّتين كـ «لبنةٍ» (فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ ، وَمَسَحَ عَنْ رَأْسِهِ الغُبَارَ وَقَالَ: وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ) هم أهل الشَّام، وسقط لأبي ذرٍّ قوله «تقتله الفئة الباغية»، وفي «البزَّار»: «أنَّ أبا سعيد (١)». هذا السَّاقط عند أبي ذرٍّ من أصحابه لا من النَّبيِّ (عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ) أي: يدعو عمَّارٌ الفئةَ الباغيةَ؛ وهم أصحاب معاوية الَّذين قتلوه في وقعة صفِّين (إِلَى) طاعة (اللهِ) إذ طاعة عليٍّ الإمام إذ ذاك من طاعة الله، وقال ابن بطَّال: يريد -والله أعلم- أهل مكَّة الَّذين أخرجوا عمَّارًا من دياره وعذَّبوه في ذات الله، قال: ولا يمكن أن يُتأوَل ذلك على المسلمين لأنَّهم أجابوا دعوة الله تعالى، وإنَّما يُدعى إلى الله مَن كان خارجًا عن الإسلام (وَيَدْعُونَهُ) أي: الفئة الباغية أو أهل مكة (إِلَى) سبب (النَّارِ) لكنَّهم معذورون للتَّأويل الَّذي ظهر لهم؛ لأنَّهم كانوا مجتهدين ظانِّين أنَّهم يدعونه إلى الجنَّة وإن كان في نفس الأمر بخلاف ذلك، فلا لوم عليهم في اتِّباع ظنونهم النَّاشئة عن الاجتهاد، وإذا قلنا: المراد: أهل مكَّة، وإنَّهم دعَوه إلى الرُّجوع إلى الكفر، وإنَّ هذا (٢) كان أوَّل الإسلام فلِمَ (٣) قال: «يدعوهم» بلفظ المستقبل، فيكون قد عبَّر بالمستقبل موضع الماضي، كما يقع التَّعبير بالماضي موضع المستقبل؟ فمعنى «يدعوهم»: دعاهم إلى الله، فأشار إلى ذكر هذا لمَّا تطابقت (٤) شدَّته في نقله لبِنَتَينِ لبِنَتينِ شدَّته في صبره بمكَّة على العذاب، تنبيهًا على فضيلته وثباته في أمر الله، قاله ابن بطَّالٍ. والأوَّل هو ظاهر السِّياق لا سيما مع قوله: «تقتله الفئة الباغية» ولا يصحُّ أن يقال: إنَّ مراده الخوارج الَّذين بعث عليٌّ عمَّارًا يدعوهم إلى الجماعة؛ لأنَّ الخوارج إنَّما خرجوا على عليٍّ بعد قتل عمَّارٍ بلا خلاف، فإنَّ ابتداء أمر الخوارج كان عقب التَّحكيم، وكان التَّحكيم عقب انتهاء القتال بصفِّين، وكان قتل عمَّار قبل ذلك قطعًا، لكن ابن بطَّال تأدَّب،


(١) «أبا سعيد»: سقط من (ب).
(٢) «هذا»: ليس في (د).
(٣) في (د): «فلمَّا».
(٤) في (ب) و (س): «طابقت».

<<  <  ج: ص:  >  >>