للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأصل: كلَّما ينبت الرَّبيع ما يقتل آكِلهُ إلَّا الدَّابة الَّتي تأكل الخُضَر فقط، أكلت -أي: آكلة الخضر- (حَتَّى إِذَا امْتَلأَتْ) ولأبي ذَرٍّ: «حتى إذا امتدَّت» (خَاصِرَتَاهَا) شبعًا (اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ فَثَلَطَتْ) بفتح المثلَّثة واللَّام المخفَّفة والطَّاء المهملة، آخره فوقيَّةٌ، أي: ألقت بعرها سهلًا رقيقًا (وَبَالَتْ) فزال عنها الحبط، وإنَّما تحبط الماشية لأنَّها تمتلئ بطونها ولا تثلط ولا تبول، فتنتفخ بطونها، فيعرض لها المرض فتهلك (ثُمَّ رَتَعَتْ) وهذا مَثَلٌ ضربه للمقتصد في جمع الدُّنيا المؤدِّي حقَّها النَّاجي من وبالها، كما نجت آكلة الخُضَر (وَإِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ) بفتح الخاء وكسر الضَّاد المعجمتين، أي: من حيث المنظر، وأنَّثه مع أنَّ المال مذكَّرٌ (١) باعتبار أنَّه زهرة الدُّنيا، فالتَّأنيث وقع على التَّشبيه، أو التَّاء للمبالغة، كراوية وعلَّامة (حُلْوَةٌ) أي: من حيث الذَّوق (وَنِعْمَ) أي: المال (صَاحِبُ المُسْلِمِ لِمَنْ (٢) أَخَذَهُ بِحَقِّهِ) بأن جمعه من حلالٍ (فَجَعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ) جميع أنواع الخير، ومنها الجهاد، وهو موضع التَّرجمة. وقد روى النَّسائيُّ والتِّرمذيُّ -وقال: حسنٌ- وابن حبَّان في «صحيحه»، وصحَّحه الحاكم من حديث خُرَيم -بالرَّاء مصغَّرًا- ابن فَاتِكٍ -بالفاء والفوقيَّة المكسورة- ورفعه: «من أنفق نفقةً في سبيل الله كُتِبت له بسبع مئة ضعفٍ» وعند ابن ماجه من حديث أبي هريرة وغيره مرفوعًا: «مَن أرسل نفقةً في سبيل الله، وأقام في بيته فله بكلِّ درهمٍ سبع مئة درهمٍ، ومَن غزا في سبيل الله بنفسه، وأنفق في وجه ذلك فله بكلِّ درهمٍ سبع مئة ألف درهمٍ»، ثمَّ تلا هذه الآية: ﴿وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء﴾ [البقرة: ٢٦١] (وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ) ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ زيادة: «وابن السَّبيل» (وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْهُ) أي: المال (بِحَقِّهِ) ولأبي ذَرٍّ: «يأخذها» أي: زهرة الدُّنيا (فَهْوَ كَالآكِلِ الَّذِي لَا يَشْبَعُ) لأنَّه كلَّما نال منه شيئًا؛ ازدادت رغبته، واستقلَّ ما عنده، ونظر إلى ما فوقه، وسقط لأبي ذَرٍّ لفظ «الَّذي» (وَيَكُونُ) ماله (عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ القِيَامَةِ) بأن يُنطِقَ الله الصَّامت منه بما فعل، أو يمثِّل (٣) مثاله (٤).


(١) في (م): «يُذكَّر».
(٢) «لمن»: ليس في (م).
(٣) في (ص): «بمثل».
(٤) في (د): «مثله».

<<  <  ج: ص:  >  >>