للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قولِه: «ولا طيرة» بهذه الشَّريطة (١) يدلُّ على أنَّ الشُّؤم أيضًا منفيٌّ عنها، والمعنى: أنَّ الشُّؤم لو كان له وجود في شيءٍ لكان في هذه الأشياء، فإنَّها أَقْبل الأشياء له (٢)، لكنْ لا وجود له فيها، فلا وجود له أصلًا. انتهى. قال الطِّيبيُّ: فعلى هذا: الشُّؤمُ في الأحاديث المستشهَد بها محمولٌ على الكراهة الَّتي سببُها ما في الأشياء من مخالفة الشَّرع أو الطَّبع، كما قيل: شؤم الدَّار ضيقُها وسوء جيرانها، وشؤم المرأة عدم ولادتها وسلاطة لسانها ونحوهما، وشؤم الفرس ألَّا يُغزَى عليها، فالشُّؤم فيها عدم موافقتها له شرعًا أو طبعًا. ويؤيِّده ما ذكره في «شرح السُّنَّة» كأنَّه يقول: إِنْ كان لأحدكم (٣) دارٌ يكره سكناها، أو امرأةٌ يكره صحبتها، أو فرسٌ لا تعجبه، فليفارقْها بأن ينتقل عن الدَّار، ويطلِّق المرأة، ويبيع الفرس، حتَّى يزول عنه ما يجده في نفسه من الكراهة، كما قال في -جواب مَن قال: يا رسول الله إنَّا كنَّا في دارٍ كثيرٍ فيها عددنا وأموالنا، فتحوَّلْنا إلى أخرى، فقَلَّ فيها ذلك- «ذروها ذميمةً» (٤). رواه أبو داود، وصحَّحه الحاكم، فأمرهم بالتَّحُّول عنها؛ لأنَّهم كانوا فيها على استثقالٍ واستيحاشٍ، فأمرهم بالانتقال عنها لِيزولَ عنهم ما يجدون من الكراهة، لا أنَّها (٥) سببٌ في ذلك، وقيل: يُحمَل الشُّؤم هنا على معنى قلَّة الموافقة وسوء الطِّباع، كما في حديث سعد بن أبي وقَّاصٍ عند أحمدَ مرفوعًا: «من سعادة المرء المرأةُ الصَّالحةُ، والمسكن الصَّالح، والمركب الهنيء، ومن شقاوة المرء المرأة السُّوء، والمسكن السُّوء، والمركب السُّوء» وقد جاء عن عائشة : أنَّها أنكرت على أبي هريرة تحديثه بذلك، فعند أبي داود الطَّيالسيِّ في «مسنده» عن مكحولٍ قال: قيل لعائشة: إنَّ أبا هريرة قال: قال رسول الله : «الشُّؤم في ثلاثةٍ» فقالت: لم يَحْفَظ (٦)،


(١) في (ص): «الشَّرطيَّة» كذا في شرح المشكاة.
(٢) في غير (ب) و (س): «لها» ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
(٣) في (د): «لأحدهم».
(٤) في (ل): «ذروها ذمِّيَّة».
(٥) في غير (ب) و (م): «لأنَّها».
(٦) في (ص): «نحفظ».

<<  <  ج: ص:  >  >>