للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمامُ (عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ) هو ابن عمر () وعن أبيه (أَنَّ النَّبِيَّ سَابَقَ) أي: بنفسه، أو أمر، أو أباح المسابقة (بَيْنَ الخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ) بتشديد الميم المفتوحة (وَكَانَ أَمَدُهَا) أي: غايتها (مِنَ الثَّنِيَّةِ) المعروفة بثنيَّة الوداع (إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ) بضمِّ الزَّاي، بعدها راءٌ مفتوحةٌ (وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ سَابَقَ بِهَا) أي: بالخيل التي لم تُضمَّر، وفيه دليلٌ على أنَّ المراد بالمسابقة بين الخيل مركوبةً، وليس المراد إرسال الفرسَين ليجريا بأنفسهما.

(قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) البخاريُّ تبعًا لأبي عبيدة في «المجاز»: (أمدًا) أي: (غايةً ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ﴾ [الحديد: ١٦]) وهذا ممَّا اتَّفق عليه أهل اللُّغة، وقد سقط قوله «قال أبو عبد الله … » إلى آخره في رواية الحَمُّويي والكُشْمِيهَنِيِّ، وقد أورد ابن بطَّالٍ هنا سؤالًا، وهو: كيف ترجم على إضمار الخيل؟ وذكر أنَّ النَّبيَّ سابق بين الخيل الَّتي لم تُضمَّر. وأجاب: بأنَّه أشار بطرفٍ من الحديث إلى بقيَّته، وأحال على سائره؛ لأنَّ تمام الحديث: أنَّه سابق بين الخيل الَّتي (١) أُضمِرَت وبين الخيل الَّتي لم تُضمَّر، وتعقَّبه ابن المُنَيِّر فقال: إنَّما كان البخاريُّ يترجم على الشَّيء من جهة العامَّة لِمَا قد يكون ثابتًا، ولِمَا قد يكون منفيًّا، فمعنى قوله: باب إضمار الخيل للسَّبق، أي: هل هو شرطٌ أو لا، فبيَّن أنَّه ليس بشرطٍ لأنَّ النَّبيَّ سابق بها مضمَّرةً وغير مضمَّرةٍ، وهذا أقعد لمقاصد (٢) البخاريِّ من قول الشَّارح: إنَّما ذكر طرفًا من الحديث ليدلَّ على تمامه، لأنَّ لِقائلٍ أن يقول: إذا لم يكن بدٌّ من الاختصار، فذِكْر (٣) الطَّرف المطابق للتَّرجمة (٤) أولى في البيان، لا سيما والطَّرف المطابق هو أوَّل الحديث؛ إذ أوَّله عن ابن عمرٍ: سابق النَّبيُّ بين الخيل التي أُضمِرت من الحفياء إلى ثنيَّة الوداع، ثمَّ ذكر الخيل الَّتي لم تُضمَّر كما ساق (٥) في هذه التَّرجمة، فحمْلُه على تأويلها لا معترضَ (٦) عليه.


(١) زيد في (د): «قد».
(٢) في (م): «بمقاصد» كذا في مصابيح الجامع.
(٣) في (ص): «فذِكْره».
(٤) «للتَّرجمة»: سقط من (د).
(٥) في (د): «سيأتي».
(٦) في (ب) و (س): «يُعتَرض».

<<  <  ج: ص:  >  >>