للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(رَجُلَانِ مِنَ المُسْلِمِينَ) وهما -فيما قاله ابن دحية-: عبد الله بن أبي حَدْرد؛ بمُهمَلَةٍ مفتوحةٍ ودالين مُهمَلَتين أولاهما ساكنةٌ وبينهما راءٌ، وكعبُ بن مالكٍ، كان له على عبد الله دَيْنٌ فطلبه، فتنازعا، وارتفع صوتهما في المسجد (فَقَالَ) : (إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ) بنصب الرَّاء بـ «أَنِ» المُقدَّرة بعد لام التَّعليل، و «الضَّمير» مفعول «أخبر» الأوَّل، وقوله: (بِلَيْلَةِ القَدْرِ) سدَّ مسدَّ الثَّاني والثَّالث، أي: أخبركم بأنَّ ليلة القدر هي ليلةُ كذا (وَإِنَّهُ تَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ) ابن أبي (١) حدرد وكعب بن مالكٍ في المسجد وشهر رمضان اللَّذين هما محلَّان للذِّكر لا لِلَّغو، مع استلزام ذلك لرفع الصَّوت بحضرة الرَّسول المنهيِّ عنه (فَرُفِعَتْ) أي: رُفِعَ بيانُها أو علمها من قلبي؛ بمعنى: نسيتها، ويدلُّ له حديث أبي سعيدٍ المرويِّ في «مسلمٍ»: «فجاء رجلان يحتقَّان -بتشديد القاف، أي: يدَّعي كلٌّ منهما أنَّه مُحِقٌّ- معهما الشَّيطان فنُسِّيتها» (وَعَسَى أَنْ يَكُونَ) رَفْعُها (خَيْرًا لَكُمُ) لتزيدوا في الاجتهاد في طلبها، فتكون زيادةً في ثوابكم، ولو كانت مُعيَّنةً لاقتصرتم عليها فَقَلَّ عملكم، وشَذَّ قومٌ فقالوا برفعها وهو غلطٌ كما بيَّنه قوله: (التَمِسُوهَا) أي: اطلبوها؛ إذ لو كان المُرَاد رفع وجودها لم يأمرهم بالتماسها، وفي رواية أبي ذرٍّ والأَصيليِّ: «فالتمسوها» (فِي) ليلة (السَّبْعِ) -بالمُوحَّدة- والعشرين من رمضان المذكور (وَالتِّسْعِ) والعشرين منه (وَالخَمْسِ) والعشرين منه، كما استُفِيد التَّقدير من رواياتٍ أُخَرَ، وفي روايةٍ: بتقديم التِّسع -بالمُثنَّاة- على السَّبع -بالمُوحَّدة- فإن قلت: كيف أمر بطلب ما رُفِعَ علمه؟ أُجِيب: بأنَّ المُرَادَ طلبُ التَّعبُّد في مظانِّها، وربَّما يقع العمل مُضَافًا (٢) لها، لا أنَّه أمر بطلب العلم بعينه.

وفي الحديث: ذمُّ المُلاحَاة والخصومة، وأنَّهما سبب العقوبة للعامَّة بذنب الخاصَّة، والحثُّ على طلب ليلة القدر، ورواتُهُ ما بين بَلخِيٍّ وبَصرِيٍّ ومدنِيٍّ، ورواية صحابيٍّ عن صحابيٍّ، والتَّحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه أيضًا في «الصَّوم» [خ¦٢٠٢٣] وفي «الأدب» [خ¦٦٠٤٩]، وكذا النَّسائيُّ.


(١) «أبي»: سقط من (م).
(٢) في (م): «مصادفًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>