للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَدْعُوكَ بِدَاعِيَةِ الإِسْلَامِ) مصدرٌ بمعنى الدَّعوة كالعافية. وفي رواية شعيبٍ: بدعاية الإسلام [خ¦٧] أي: بدعوته، وهي كلمة الشَّهادة الَّتي يُدعَى إليها أهل الملل الكافرة (أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ) بكسر اللَّام في الأولى والأخيرة وفتحِها في الثَّانية، وهذا في غاية الإيجاز والبلاغة وجمع المعاني مع ما فيه من بديع التَّجنيس، فإنَّ «تسلمْ» شاملٌ لسلامته من خزي الدُّنيا بالحرب، والسَّبي، والقتل، وأخذ الدِّيار (١) والأموال، ومن عذاب الآخرة (يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ) أي: من جهة إيمانه بنبيِّه ثم بنبيِّنا محمَّدٍ ، أو من جهة أنَّ إسلامه سببٌ لإسلام أتباعه (فَإِنْ تَوَلَّيْتَ) أعرضت عن الإسلام (فَعَلَيْكَ) مع إثمك (إِثْمُ الأَرِيسِيِّينَ) بالهمزة وتشديد الياء بعد السِّين، جمع يريسي (٢)، أي: الأكَّارين، وهم الفلَّاحون والزَّرَّاعون، وللبيهقيِّ في «دلائله»: «عليك إثم الأكَّارين» أي: عليك إثم رعاياك الَّذين يتَّبعونك، وينقادون بانقيادك، ونبَّه بهؤلاء على جميع الرَّعايا؛ لأنَّهم الأغلب وأسرع انقيادًا، فإذا أسلم أسلموا، وإذا امتنع امتنعوا (وَ ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾) بواو العطف على «أدعوك» أي: أدعوك (٣) بداعية الإسلام، وأدعوك بقول الله تعالى: يا أهل الكتاب (﴿تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ﴾) نوحِّده بالعبادة، ونخلص له فيها (﴿وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا﴾) ولا نجعل غيره شريكًا له في استحقاق العبادة (﴿وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ﴾) فلا نقول: عزير ابن الله، ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوه من التَّحريم والتَّحليل (﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ﴾) عن التَّوحيد (﴿فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ٦٤]) أي: لزمتكم الحجَّة، فاعترفوا بأنَّا مسلمون دونكم، أو اعترفوا بأنَّكم كافرون بما نطقتْ به الكتب، وتطابقت عليه الرُّسل (قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا أَنْ قَضَى) هرقل (مَقَالَتَهُ عَلَتْ أَصْوَاتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِنْ عُظَمَاءِ الرُّومِ، وَكَثُرَ لَغَطُهُمْ) أي: صياحهم وشغبهم (فَلَا أَدْرِي مَاذَا قَالُوا، وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا) بضمِّ الهمزة وكسر تاليها في الموضعين (٤)


(١) في (ب) و (س): «الذَّراري».
(٢) في (ب): «أريسي».
(٣) «أي: أدعوك»: ليس في (ب).
(٤) كذا ويقصد في الثاني بكسر الراء لا الخاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>