للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السُّؤال بـ «ما» ولا يُسأَل بها إلَّا عنِ الماهيَّة، لكنَّ الظَّاهر أنَّه علم أنَّه سأله عن متعلَّقات الإيمان لا عن حقيقته، وإِلَّا فكان الجواب: الإيمانُ: التَّصديقُ، وإنَّما فسَّر الإيمان بذلك؛ لأنَّ المُرَاد من المحدود الإيمان الشَّرعيُّ، ومن الحدِّ اللُّغويُّ، حتَّى لا يلزم تفسير الشَّيء بنفسه، وحَمَلَهُ الأُبِّيُّ على الحقيقة، معلِّلًا بأنَّ السُّؤال بـ «ما» بحسب الخصوصيَّة إنَّما يكون عن الحقيقة لا عن الحكم، وعلى هذا فقوله: «أن تؤمن … » إلى آخره؛ من حيث إنه جواب السُّؤال المذكور يتعيَّن أن يكون حدًّا؛ لأنَّ المقول في جوابه إنَّما هو الحدُّ، فإن قلت: لو كان حدًّا لم يَقُلْ جبريل في جوابه: «صدقتَ»، كما في «مسلمٍ» لأنَّ الحدَّ لا يقبل التَّصديق، أُجِيب: بأنَّه إذا قِيلَ في الإنسان: إنَّه حيوانٌ ناطقٌ، وقُصِدَ به التَّعريف؛ فهو لا يقبل التَّصديق كما ذكرت، وإن قُصِدَ به أنَّه الذَّات المحكوم عليها بالحيوانيَّة والنَّاطقيَّة فهو دعوى وخبر (١) فيقبل التَّصديق، فلعلَّ جبريلَ راعى هذا المعنى؛ فلذلك قال: «صدقتَ»، أو يكون قوله: «صدقت» تسليمًا، والحدُّ يقبل التَّسليم، ولا يقبل المنع لأنَّ المنع طلب الدَّليل، والدَّليل إنَّما يتوجَّه للخبر، والحدُّ تفسيرٌ لا خبرٌ، قاله أبو عبد الله الأُبِّيُّ (٢)، وأعاد لفظ «الإيمان» للاعتناء بشأنه وتفخيمًا لأمره (وَمَلَائِكَتِهِ) جمع مَلَكٍ، وأصله: مَلْأَكٌ «مَفْعَلٌ» مِنَ: الألوكة؛ بمعنى: الرِّسالة، زِيدَت فيه «التَّاء» لتأكيد معنى الجمع، أو لتأنيث الجمع، وهم


(١) في (س): «خير»، وهو تصحيفٌ.
(٢) «قاله أبو عبد الله الأُبِّيُّ»: سقط من (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>