للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أيجب على هذا الرَّجل طاعةَ (١) الأمير أَمْ لا؟ قال عبد الله بن مسعودٍ: (فَقُلْتُ لَهُ) أي: للرَّجل (وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ) سبب توقُّفه أنَّ الإمام إذا عيَّن طائفةً للجهاد أو لغيره من المهمَّات تعيَّنوا، و (٢) صار ذلك فرض عينٍ عليهم، فلو استفتى أحدهم عليه وادَّعى أنَّه كلَّفه ما لا طاقة له به بالتَّشهِّي، أشكلت الفتيا حينئذٍ؛ لأنَّا إن قلنا بوجوب طاعة الإمام عارضنا فساد الزَّمان، وإن قلنا بجواز الامتناع فقد يفضي ذلك إلى الفتنة، فالصَّواب التَّوقُّف، لكنَّ الظَّاهر أنَّ ابن مسعودٍ بعد أن توقَّف أفتاه بوجوب الطَّاعة بشرط أن يكون المأمور به موافقًا للتَّقوى (٣)، كما عُلِمَ (٤) ذلك من قوله: (إِلَّا أَنَّا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ، فَعَسَى أَنْ لَا يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِي أَمْرٍ إِلَّا مَرَّةً) إذ لولا صحَّة الاستثناء لما أوجبه الرَّسول (٥) (حَتَّى نَفْعَلَهُ) غايةٌ لقوله: «لا يعزم» أو للعزم الَّذي يتعلَّق به المستثنى، وهو «مرَّة» (وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللهَ) ﷿ (وَإِذَا شَكَّ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ) ممَّا تردَّد فيه أنَّه جائزٌ أم لا، وهو من باب القلب، أي: شكَّ نفسُه في شيءٍ (سَأَلَ) الشَّاكُّ (رَجُلًا) عالمًا (فَشَفَاهُ مِنْهُ) بأن أزال مرض تردُّده عنه بإجابته له بالحقِّ، فلا يُقْدِمُ المرء على ما يشكُّ فيه حتَّى يسأل عنه مَنْ عنده علمٌ (وَأَوْشَكَ) بفتح الهمزة والشِّين، أي: كاد (أَلَّا تَجِدُوهُ (٦)) في الدُّنيا، لذهاب الصَّحابة ، فتفقدوا مَن يفتي بالحقِّ، ويشفي القلوب عن الشُّبه والشُّكوك (وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ) بفتح الغين المعجمة والموحَّدة، أي: ما بقي أو مضى (مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا كَالثَّغَْبِ) بفتح المثلَّثة وإسكان الغين المعجمة، وقد تُفتَح، آخره موحَّدةٌ: الماء المستنقع في (٧) الموضع المطمئنِّ (شُرِبَ صَفْوُهُ، وَبَقِيَ كَدَرُهُ) شبَّه بقاء الدُّنيا ببقاء (٨) غديرٍ ذهب صفوه، وبقي كَدَره.


(١) في (م): «إطاعة».
(٢) في (د): «أو».
(٣) في (م): «للفتوى».
(٤) في (م): «يعلم».
(٥) في (م): «الرُّسل».
(٦) في (م): «يجدوه».
(٧) في (م): «من».
(٨) في (ص): «بباقي».

<<  <  ج: ص:  >  >>