للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمر بن عبيد الله (عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى) بفتح الهمزة والفاء (، فَقَرَأْتُهُ، أَإِنَّ) بفتح الهمزة وكسرها (رَسُولَ اللهِ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ) أي: غزواته (الَّتِي لَقِيَ فِيهَا) العدوَّ أو الحرب، واللَّفظ يحتملهما (انْتَظَرَ) خبر «أَنَّ» (حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ) أي: زالت (ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ) خطيبًا (قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوْا (١) لِقَاءَ العَدُوِّ) لأنَّ المرء لا يعلم ما يؤول إليه الأمر، ويؤيِّده قوله: (وَسَلُوا اللهَ العَافِيَةَ) أي: من هذه المحذورات المتضمِّنة للقاء العدوِّ، ثم أمر (٢) بالصَّبر عند وقوع الحقيقة فقال: (فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا) فإن النَّصر مع الصَّبر (وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ) أي: السَّبب الموصل إلى الجنَّة عند الضَّرب بالسَّيف في سبيل الله، وهو من المجاز البليغ؛ لأنَّ ظلَّ الشَّيء لمَّا كان ملازمًا له، وكان ثواب الجهاد الجنَّة، كان ظلال السُّيوف المشهورة في الجهاد تحتها الجنَّة، أي: ملازمها استحقاق ذلك، ومثله: الجنَّة تحت أقدام الأمَّهات، أو هو كنايةٌ عن الحضِّ على مقاربة العدوِّ، واستعمال السُّيوف، والاجتماع حين الزَّحف حتَّى تصير السُّيوف تظلُّ المقاتلين. قال ابن الجوزيِّ: إذا (٣) تدانى الخصمان صار كلٌّ منهما تحت ظلِّ سيف صاحبه؛ لحرصه على رفعه عليه ولا يكون ذلك إلَّا عند التحام القتال (ثُمَّ قَالَ) : (اللَّهُمَّ) يا (مُنْزِلَ الكِتَابِ) القرآن الموعود فيه بالنَّصر على الكفَّار، قال تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٤] والمراد: الجنس، فيشمل سائر الكتب المنزلة على الأنبياء، فيكون المراد: شدَّة الطَّلب للنَّصر، كنصره (٤) هذا الكتاب بخذلان (٥) مَن يكفر به (٦) ويجحده (وَ) يا (مُجْرِيَ السَّحَابِ) بقدرته، إشارةٌ إلى سرعة إجراء ما يقدِّره الله (٧)، فإنَّه قدَّر جريان السَّحاب على أسرع حالٍ، وكأنَّه يسأل


(١) في (ص): «تمنَّوا».
(٢) في (ب) و (د) و (س): «أمرنا».
(٣) في (م): «إِنْ».
(٤) في (ب): «كنصرة».
(٥) في (م): «بخذلانه».
(٦) في (د) و (م): «يكفره».
(٧) اسم الجلالة: مثبتٌ من (د) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>