للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستعمل «لعلَّ» استعمال «عسى» (١) فأتى (٢) بـ «أَنْ» قال النَّوويُّ: ومعنى التَّرجِّي هنا راجعٌ إلى عمر لأنَّ وقوع هذا الأمر محقَّقٌ عند الرَّسول (فَقَالَ) تعالى مخاطبًا لهم خطاب تشريفٍ وإكرامٍ: (اعْمَلُوا (٣) مَا شِئْتُمْ) في المستقبل (فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ) عبَّر عن الآتي بالواقع مبالغةً في تحقُّقه، وعند الطَّبرانيِّ (٤) من طريق معمر عن الزُّهريِّ عن عروة: «غافرٌ لكم»، وفي «مغازي ابن عائذ» من مرسل عروة: «اعملوا ما شئتم فسأغفر لكم» قال القرطبيُّ: وهذا الخطاب قد تضمَّن أنَّ هؤلاء حصلت لهم حالةٌ غُفِرت بها (٥) ذنوبهم السَّابقة، وتأهَّلوا أن تغفر (٦) لهم (٧) الذُّنوب اللَّاحقة إن وقعت منهم، وما أحسنَ قول بعضهم:

وإذا الحبيب أتى بذنبٍ واحدٍ … جاءت محاسنه بألف شفيع

وليس المراد أنَّهم نجزت لهم في ذلك الوقت مغفرةُ الذُّنوب اللَّاحقة، بل لهم صلاحيَّة أن يغفر لهم ما عساه أن يقع، ولا يلزم من وجود الصَّلاحيَّة لشيءٍ وجود ذلك الشَّيء، وحمله البرماويُّ على أنَّهم لا (٨) يقع منهم ذنبٌ في المستقبل ينافي عقيدة الدِّين، بدليل قبوله عذره لما علم من صحَّة عَقْده (٩) وسلامة قلبه، وقيل: المراد غفران الماضي لا المستقبل، وتُعُقِّب بأنَّ هذا الصَّادر من حاطب إنَّما وقع في المستقبل لأنَّه صدر منه بعد بدر فلو كان للماضي لم يحصل التَّمسك به هنا، وقد أظهر الله تعالى صدق رسوله (١٠) في كلِّ مَن أخبر عنه بشيءٍ من ذلك، فإنَّهم لم يزالوا على أعمال أهل الجنَّة إلى أن فارقوا الدُّنيا، ولو


(١) زيد في (د) و (م): «فلذا».
(٢) في (م): «أتى».
(٣) زيد في (م): «على».
(٤) كذا في كل الأصول، والحديث عند الطبراني من طريق إسحاق بن راشد عن الزهري، أما هذه الطريق فقد أخرجها الطبري في تفسيره، وإليه عزيت في «الفتح»، ولعلها الصواب.
(٥) في (م): «لهم».
(٦) في (د): «يغفر»، كذا في الفتح والمفهم.
(٧) «لهم»: ليس في (د ١) و (ص).
(٨) في كل الأصول: «لم» والمثبت من «اللامع الصبيح» وهو أليق بالسياق.
(٩) في (ب) و (س): «عقيدته».
(١٠) في (ب): «صدق الله ورسوله» وليس بصحيحٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>