للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خيلًا قِبلَ نجدٍ، فجاءت برجلٍ من بني حنيفة يقال له: ثُمامة بن أُثالٍ، فربطوه بساريةٍ من سواري المسجد، فخرج إليه النَّبيُّ فقال: «ما عندك يا ثمامة؟» فقال: عندي خيرٌ يا محمَّد، إن تقتلني تقتلْ ذا دمٍ، وإن تُنعمْ تُنعم على شاكرٍ، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت، حتَّى كان الغد، ثمَّ قال له (١): «ما عندك يا ثمامة؟» قال: ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكرٍ، فتركه حتَّى كان بعد الغد، فقال: «ما عندك يا ثمامة؟» (٢) فقال: عندي ما قلت لك. فقال: «أطلقوا ثمامة … » الحديث.

هذا موضع الترجمة منه، فإنَّه أقرَّه على ذلك ولم ينكر عليه التَّقسيم، ثمَّ منَّ عليه بعد ذلك، وهو (٣) يؤيِّد قول الجمهور: أنَّ الأمر في أسرى الكفَّار من الرِّجال إلى الإمام، يفعل ما هو الأحظُّ للإسلام والمسلمين، وعن مالكٍ: لا يجوز المنُّ بغير فداءٍ، وعن الحنفيَّة: لا يجوز المنُّ أصلًا لا بفداءٍ ولا بغيره.

(وَ) في الباب أيضًا (قَوْلُهُ ﷿ في سورة الأنفال: (﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى﴾ الاية [الأنفال: ٦٧]) أي: ما صحَّ وما استقام لنبيٍّ من الأنبياء أن يأخذ أسارى ولا يقتلهم، زاد في رواية أبي ذرٍّ وكريمة: «﴿حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ﴾» [الأنفال: ٦٧] يعني: يغلب في الأرض (٤)، وهذا تفسير أبي عبيدة، وعن مجاهدٍ: الإثخان: القتل، وقيل: المبالغة فيه، أي: حتَّى يكثر فيعزَّ الإسلام ويذلَّ الكفر (﴿تُرِيدُونَ (٥) عَرَضَ الدُّنْيَا﴾) حطامها وهو الفداء (الآيَةَ) وتمامها: ﴿وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾ [الأنفال: ٦٧] يريد لكم ثواب الآخرة، أو سبب نيل الآخرة من إعزاز دينه وقمع أعدائه، ﴿وَاللّهُ عَزِيزٌ﴾ يغلِّب أولياءه على أعدائه ﴿حَكِيمٌ﴾ يعلم ما يليق بكلِّ حالٍ ويخصُّه بها، كما أمر بالإثخان ومنع من الافتداء حين كانت الشَّوكة للمشركين، وخُيِّر بينه وبين المنِّ لمَّا تحوَّلت (٦) الحال وصارت


(١) «له»: ليس في (ص) و (م).
(٢) قوله: «قال ما قلت … يا ثمامة» سقط من (ص).
(٣) في (د): «هذا».
(٤) زيد في (د): «﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا﴾».
(٥) في (ج) و (ل): «يريد».
(٦) في (ص): «حُوِّلت»، وفي (د) و (م): «تحوَّل».

<<  <  ج: ص:  >  >>