للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّمنِّي من صورة الإعجاب والاتِّكال على النُّفوس، والوثوق بالقوَّة وقلَّة الاهتمام بالعدوِّ، وتمنِّي الشَّهادة ليس مستلزمًا لتمنِّي لقاء العدوِّ، فيجوز، وتمنِّي (١) لقاء العدوِّ جهادٌ أو مستلزمٌ له، وتمنِّي الجهاد مستلزمٌ للقاء العدوِّ، وهو يتضمَّن الضَّرر المذكور، ولذا تمَّمه بقوله: (وَسَلُوا اللهَ العَافِيَةَ) من هذه المخاوف المتضمِّنة للقاء العدوِّ، وهو نظير سؤال العافية (٢) من الفتن، وقد قال الصِّدِّيق الأكبر أبو بكرٍ : لأنْ أُعافى فأشكرَ أحبُّ إليَّ من أن أُبتلى فأصبرَ، وهل يُؤخذ منه منع طلب المبارزة لأنَّه من تمنِّي لقاء العدوِّ، ومن ثمَّ قال عليٌّ لابنه: يا بنيَّ لا تَدْعُ أحدًا إلى المبارزة، ومَن دعاك إليها فاخرج إليه لأنَّه باغٍ، والله قد ضمن نصر من بُغِيَ عليه، ولطلب المبارزة شروطٌ معروفةٌ في الفقه إذا اجتمعت أُمِن معها المحذُور في لقاء العدوِّ المنهيُّ عن تمنِّيه (فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا) أي: اثبتوا، ولا تظهروا التَّألُّم من شيءٍ يحصل لكم، فالصَّبر في القتال: هو كظم ما يُؤلِم من غير إظهار شكوى ولا جزعٍ، وهو الصَّبر الجميل (وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ) أي: ثوابها (تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ) وقال النَّوويُّ: معناه: أنَّ الجهاد وحضور معركة الكفَّار طريقٌ إلى الجنَّة، وسببٌ لدخولها (ثُمَّ قَالَ) : (اللَّهُمَّ) يا (مُنْزِلَ الكِتَابِ) الفرقان أو سائر الكتب السَّماويَّة (وَ) يا (مُجْرِيَ السَّحَابِ) بنزول الغيث بقدرته (وَ) يا (هَازِمَ الأَحْزَابِ) وحده، إشارةٌ إلى تفرُّده بالنَّصر، وهزم ما يجتمع من أحزاب العدوِّ (اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ) وفي رواية الإسماعيليِّ في هذا الحديث من وجهٍ آخرَ: أنَّه دعا أيضًا فقال: «اللَّهمَّ أنت ربُّنا وربُّهم، ونحن عبيدك، وهم عبيدك (٣)، نواصينا ونواصيهم بيدك، فاهزمهم وانصرنا عليهم».


(١) في غير (س): «فيجوز تمنِّي».
(٢) قوله: «من هذه المخاوف … العافية» سقط من (م).
(٣) «وهم عبيدك»: مثبتٌ من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>