للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«بنحوٍ ممَّا» (كُنْتُ أُجِيزُهُمْ) قال ابن المُنَيِّر: والَّذي بقي من هذا الرَّسم ضيافات الرُّسل، وإقطاعات الأعراب، ورسومهم في أوقاتٍ، ومنه إكرام أهل الحجاز إذا وفدوا. قال ابن عيينة كما عند الإسماعيليِّ هنا والبخاريِّ في «الجزية» [خ¦٣١٦٨] (١)، أو سليمان الأحول كما في «مسند الحميديِّ» أو سعيد بن جبيرٍ كما عند النَّوويِّ في «شرح مسلمٍ»: (وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ) هي إنفاذ جيش أسامة، وكان المسلمون اختلفوا في ذلك على أبي بكرٍ، فأعلمهم أنَّ النَّبيَّ عَهِد بذلك عند موته، أو هي قوله: «لا تتَّخذوا قبري وثنًا»، قال في «المقدِّمة»: ووقع في «صحيح ابن حبَّان» ما يرشد إلى أنَّها الوصيَّة بالأرحام.

(وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ) الزُّهريُّ فيما وصله إسماعيل القاضي في «أحكامه»: (سَأَلْتُ المُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ فَقَالَ): هي (مَكَّةُ وَالمَدِينَةُ وَاليَمَامَةُ وَاليَمَنُ) وهذا موافقٌ لما روي عن مالكٍ إمام دار الهجرة (وَقَالَ يَعْقُوبُ) بن محمَّد المذكور: (وَالعَرْجُ) بفتح العين المهملة وسكون الرَّاء بعدها جيمٌ، قريةٌ جامعةٌ من الفرع على نحو ثمانيةٍ وسبعين ميلًا من المدينة (أَوَّلُ تِهَامَةَ) بكسر المثنَّاة الفوقيَّة (٢).

وقد استدلَّ بهذا الحديث إمامنا الشَّافعيُّ وغيره من العلماء على منع إقامة الكافر -ذمِّيًّا كان أو حربيًّا- بمكَّة والمدينة واليمامة وقراهنَّ، وما تخلَّل ذلك من الطُّرق، فلا يقرُّ في شيءٍ منها بجزيةٍ ولا بغيرها لشرفها. نعم، لا يُمنَع من ركوب بحر الحجاز لأنَّه ليس موضع إقامة، بخلاف جزائره وقرى الأماكن المذكورة، وكذا لا يُمنَع من الإقامة باليمن لأنَّه ليس من الحجاز وإن كان من جزيرة العرب لأنَّ عمر أجلى أهل الذِّمَّة من الحجاز، وأقرَّهم فيما عداه من اليمن، ولم يخرجهم هو ولا أحدٌ من الخلفاء منه، وإنَّما أخرج أهل نجران من جزيرة العرب وليست من الحجاز لنقضهم العهد بأكلهم الرِّبا المشروط عليهم تركه، وكذا يُمنَع من دخول الحرم المكِّيِّ، فلا يدخله لمصلحةٍ ولا لغيرها لقوله تعالى: ﴿فَلَا يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ﴾ والمراد: جميع الحرم؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً﴾ (٣) أي: فقرًا بمنعهم من


(١) كذا في فتح الباري، ولكن ما في الصحيح: «والثالثة خير، إما أنه سكت عنها، وإما أنه قالها فنسيتها» قال سفيان: هذا من قول سليمان.
(٢) في (د): «التحتيِّة» وليس بصحيحٍ.
(٣) في (ج) و (ل): «فإن خفتم».

<<  <  ج: ص:  >  >>