للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أُجيبَ: باحتمال أن يكون النَّبيُّ تحدَّث مع نفسه أو أصحابه بذلك فاسترق الشَّيطان ذلك أو بعضه. فإن قلت: فما وجه التَّخصيص بإخفاء هذه الآية؟ أجاب أبو موسى المدينيُّ: بأنَّه أشار بذلك إلى أنَّ عيسى ابن مريم يقتل الدَّجَّال بجبل الدُّخان، فأراد التَّعريض لابن صيَّادٍ بذلك. وحكى الخطَّابيُّ: أنَّ الآية كانت حينئذٍ مكتوبةً في يد النَّبيِّ ، فلم يهتدِ ابن صيَّادٍ منها إلَّا لهذا القدر النَّاقص على طريق الكهنة، ولهذا (قَالَ النَّبِيُّ : اخْسَأْ) بالخاء المعجمة السَّاكنة وفتح السِّين المهملة، آخره همزٌ، كلمة زجرٍ واستهانةٍ، أي: اسكتْ متباعدًا ذليلًا (فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ) أي: لن تتجاوز القدر الَّذي يدركه الكهَّان من الاهتداء إلى بعض الشَّيء، ولا يُتجاوز (١) منه إلى النُّبوَّة، قال الكِرمانيُّ: وفي بعضها: «تعدُ» بغير واوٍ على أنَّه مجزومٌ بـ «لن» في لغةٍ حكاها الكسائيُّ، كما ذكره ابن مالكٍ في «توضيحه» (قَالَ عُمَرُ) (يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ) أي: في ابن صيَّادٍ (أَضْرِبْ عُنُقَهُ) بهمزة قطعٍ مجزومًا جواب الطَّلب (قَالَ النَّبِيُّ : إِنْ يَكُنْهُ) فيه اتِّصالُ الضَّمير إذا وقع خبرًا لـ «كان»، واسمها مستترٌ فيها (٢)، وابن مالكٍ في «ألفيَّته» يختاره على الانفصال، عكس ما اختاره ابن الحاجب، وللأَصيليِّ وابن عساكرٍ وأبوي الوقت وذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «إن يكنْ» هو بانفصال الضَّمير كالآتية وهو الصَّحيح، واختاره ابن مالكٍ في «التَّسهيل» و «شرحه» تبعًا لسيبويهِ، ولفظ «هو» تأكيدٌ للضَّمير المستتر، و «كان»: تامَّةٌ، أو وضع «هو» موضع: إيَّاه، أي: إن يكن إيَّاه. وفي حديث ابن مسعودٍ عند أحمد: «إن يكن هو الَّذي تخاف فلن تستطيعه»، وعند الحارث بن أبي أسامة عن جدِّه (٣) مرسلًا: «إن يكن هو الدَّجَّال» (فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ) لأنَّ عيسى هو الَّذي يقتله، وفي حديث جابرٍ عند التِّرمذيِّ: «فلست بصاحبه إنَّما صاحبه عيسى ابن مريم» (وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ (٤) فَلَا خَيْرَ لَكَ


(١) في (ب) و (س): «يتجاوزون»، وفي (م): «تتجاوز».
(٢) في غير (ب) و (س): «فيه».
(٣) في (د) و (م): «عروة».
(٤) في (م): «يكن هو».

<<  <  ج: ص:  >  >>