للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّصغير (وَإِيَّايَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ) عبد الرَّحمن (وَنَعَمَ ابْنِ عَفَّانَ) عثمان، كان القياس أن يقول: وإيَّاك لأنَّ هذه الكلمة للتَّحذير، وتحذير المتكلِّم نفسه قليلٌ كما مرَّ، ولكنَّه بالغ فيه من حيث إنَّه حذَّر نفسه، ومراده: تحذير من يخاطبه وهو أبلغ لأنَّه ينهى نفسه، ومراده: نهي من يخاطبه عن إيثار ابن عوفٍ وابن عفَّان على غيرهما في الرَّعي، أو تقديمهما على الغير، وخصَّهما بالذِّكر على طريق المثال؛ لأنَّهما كانا من مياسير الصَّحابة، ولم يرد بذلك منعهما البتَّة، وإنَّما أراد أنَّه إذا لم يَسَعِ المرعى إلَّا نَعَم أحد الفريقين فَنَعَم المقلِّين أَولى، وقد بيَّن وجه ذلك بقوله: (فَإِنَّهُمَا) أي: ابن عوفٍ وابن عفَّان (إنْ تَهْلِكْ (١)) بكسر اللَّام والجزم (مَاشِيَتُهُمَا يَرْجِعَانِ إِلَى) عوض ذلك من (٢) أموالهما من (نَخْلٍ وَزَرْعٍ) وغيرهما (وَإِنَّ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ) القليلة (وَرَبَّ الغُنَيْمَةِ) القليلة اللَّذَيْنِ ليس لهما إلَّا ذلك (٣) (إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَأْتِنِي) مجزومٌ بحذف الياء (بِبَنِيهِ) أي: بأولاده، ولغير الكُشْمِيهَنِيِّ كما في «الفتح»: «ببيته» بمثنَّاةٍ فوقيَّةٍ، قبلها تحتيَّةٌ ساكنةٌ بلفظِ مفردِ «البيت» والمعنى متقاربٌ (فَيَقُولُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ) مرَّتين، أي: نحن فقراء محتاجون، أو نحو ذلك، وعند غير أبي ذرٍّ: «يا أمير المؤمنين» مرَّةً واحدةً (أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا؟!) بهمزة الاستفهام الإنكاريِّ، أي: أنا لا أتركهم محتاجين، ولا أجوِّز ذلك، فلا بدَّ لي من إعطاء الذَّهب والفضَّة لهم بدل الماء والكلأ من بيت المال (لَا أَبَا لَكَ) بغير تنوينٍ، لأنَّه كالمضاف، وظاهره الدُّعاء عليه، لكنَّه على المجاز لا الحقيقة (فَالمَاءُ وَالكَلأُ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِنَ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ) أي: من إنفاقهما من بيت المال (وَايْمُ اللهِ إِنَّهُمْ) أي: أرباب المواشي القليلة من أهل المدينة وقراها (لَيَرَوْنَ) بفتح المثنَّاة التَّحتيَّة، أي: ليعتقدون، وبضمِّها، أي: ليظنُّون (أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ، إِنَّهَا) أي: هذه الأراضي (لَبِلَادُهُمْ فَقَاتَلُوا) بفاءٍ قبل القاف، ولأبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ وابن عساكرٍ: «قاتلوا» (عَلَيْهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا) عفوًا (فِي الإِسْلَامِ) فكانت أموالهم لهم، وهذا بخلاف من أسلم من أهل العنوة، فإنَّ أرضه فيءٌ للمسلمين؛ لأنَّهم غلبوا على بلادهم كما غلبوا على أموالهم،


(١) في (م): «يهلك» وهو تحريفٌ.
(٢) في (ص): «في».
(٣) في (ب) و (س): «ذاك».

<<  <  ج: ص:  >  >>