للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ) في الدُّخول (فَأَذِنُوا لَهُمْ، فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ، فَطَفِقَ) بكسر الفاء الثَّانية، أي: جعل (رَسُولُ اللهِ يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ) بشارِفَي عليٍّ (فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ) بفتح المُثلَّثة وكسر الميم آخره لامٌ (١)، أي: سكر حال كونه (مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ) بسبب ذلك (فَنَظَرَ حَمْزَةُ) (إِلَى رَسُولِ اللهِ ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ) بفتح الصَّاد والعين المُشدَّدة المهملتين، أي: رفعه (فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: «ركبتيه» بالتَّثنية (ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ (٢) إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لأَبِي؟) أي: كعبيدٍ له، يريد -والله أعلم- أنَّ عبد الله وأبا طالبٍ كانا (٣) كأنَّهما عبدان لعبد المطَّلب في الخضوع لحرمته، والجدُّ يُدعَى سيِّدًا، وأنَّه أقرب إليه منهما، فأراد الافتخار عليهم بذلك (فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ (٤) أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ) أي: سكر (فَنَكَصَ) أي: رجع (رَسُولُ اللهِ عَلَى عَقِبَيْهِ) -بالتَّثنية- رجوع (القَهْقَرَى) بأن مشى إلى خلفٍ ووجهه لحمزة؛ خشية أن يزداد عبثه في حال سكره فينتقل من القول إلى الفعل، فأراد أن يكون ما يقع منه بمرأًى منه؛ ليدفعه إن وقع منه شيءٌ.

(وَخَرَجْنَا مَعَهُ) ، وكان ذلك قبل تحريم الخمر كما في رواية ابن جريجٍ عن ابن شهابٍ في «الشُّرب» [خ¦٢٣٧٥] ولذا لم يؤاخذ حمزة بقوله، ومن تداوى بمُباحٍ، أو شرب لبنًا، أو أكل طعامًا فسكر فقذف غيره فهو كالمجنون والمُغمَى عليه والصَّبيِّ، يسقط عنهم حدُّ القذف وسائر الحدود غير إتلاف الأموال؛ لرفْع القلم عنهم، فمن سَكِرَ من حلالٍ فحكمه حكم هؤلاء، وحكى الطَّحاويُّ الإجماع على أنَّ من سَكِرَ من ذلك لا (٥) طلاقَ عليه، وهو مذهبنا أيضًا، حتَّى لو سَكِرَ مُكرَهًا عندنا فكذلك، وأمَّا ضمان إتلاف النَّاقتين فضمانهما لازمٌ لحمزة لو طالبه عليٌّ به؛ إذ العلماء متَّفقون على أنَّ جنايات الأموال لا تسقط عن المجانين


(١) «آخره لامٌ»: ليس في (د).
(٢) زيد في (ب) و (د ١) و (س): «حمزة».
(٣) «كانا»: ليس في (م).
(٤) في (م): «النَّبيُّ» والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة».
(٥) في (ب): «إلَّا» وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>