أحد الأربعة المأمور بها، والثَّلاثة الباقية حذفها الرَّاوي نسيانًا أوِ اختصارًا، أو أنَّ الأربعة:«إقام الصَّلاة … » إلى آخره، وذكر «الشَّهادتين» تبرُّكًا بهما كما في قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١] لأنَّ القوم كانوا مؤمنين، ولكن ربَّما كانوا يظنُّون أنَّ الإيمان مقصورٌ على الشَّهادتين كما كان الأمر في صدر الإسلام، وعُورِضَ بأنَّه وقع في رواية حمَّاد بن زيدٍ عن أبي جمرة عند المؤلِّف في «المغازي»[خ¦٤٣٦٩]: «آمركم بأربعٍ: الإيمان بالله شهادة أن لا إله إِلَّا الله، وعقد واحدةً»، وهو يدلُّ على أنَّ الشَّهادة إحدى الأربع، وعنده في «الزَّكاة»[خ¦١٣٩٨] من هذا الوجه: «الإيمان بالله»، ثمَّ فسَّرها لهم: بشهادة أن لا إله إلَّا الله، وهو يدلُّ أيضًا على عدِّها في الأربع؛ لأنَّه أعاد الضَّمير في قوله:«فسَّرها» مُؤنَّثًا، فيعود على الأربع، ولو أراد تفسير الإيمان لأعاده مُذَكَّرًا، وأُجِيب: بزيادة أداء الخُمُس، قال أبو عبد الله الأُبِّيُّ: وأتمُّ جوابٍ في المسألة: ما ذكره ابن الصَّلاح من أنَّه معطوفٌ على أربعٍ، أي: أمرهم بأربعٍ وبإعطاء الخُمُسِ، وإنَّما كان أتمّ لأنَّ به تتَّفق الطَّريقان، ويرتفع الإشكال. انتهى. ولم يذكر «الحجَّ» لكونهم سألوه أن يخبرهم بما يدخلون بفعله الجنَّة، فاقتصر لهم على ما يمكنهم فعله في الحال، ولم يقصد إعلامهم بجميع الأحكام التي تجب عليهم فعلًا وتركًا، ويدلُّ على ذلك: اقتصاره في المناهي على الانتباذ في الأوعية، مع أنَّ في المناهي ما هو أشدُّ في التَّحريم من الانتباذ، لكنِ اقتصرَ عليها لكثرة تعاطيهم لها، أو لأنَّه لم يُفرَض -كما قاله عياضٌ- إلَّا في سنة تسعٍ، ووفادتُهم في سنة ثمانٍ، أي: على أحد الأقوال في وقت فرضه، ولكنَّ الأرجحَ: أنَّه فُرِضَ سنة ستٍّ كما سيأتي إن شاء الله تعالى، أو لكونه لم يكن لهم سبيلٌ إليه من أجل كفَّار مُضَرَ، أو لكونه على التَّراخي، أو لشهرته عندهم، أو أنَّه أخبرهم ببعض الأوامر، ثمَّ عطف المؤلف على قوله:«وأمرهم» قوله (وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنِ الحَنْتَمِ) أي: عن الانتباذ فيه؛ وهو بفتح المُهمَلَة وسكون النُّون وفتح المُثنَّاة الفوقيَّة؛ وهي الجرَّة، أو الجرار الخُضْر أو الحُمْر أعناقُها على (١) جنوبها، أو متَّخذةٌ من طينٍ وشعرٍ ودمٍ، أوِ «الحنتم» ما طُلِيَ من الفخَّار بالحنتم المعمول بالزُّجاج وغيره،