للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مهديٍّ البصريُّ (عَنْ مَالِكٍ) الإمام (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) مولى عمر بن الخطَّاب (عَنْ أَبِيهِ) أسلم أنَّه (قَالَ: قَالَ عُمَرُ : لَوْلَا آخِرُ المُسْلِمِينَ) الَّذين لم يُوجَدوا (١) بعدُ (مَا فَتَحْتُ (٢) قَرْيَةً إِلَّا قَسَمْتُهَا) أي: أرضها خاصَّةً (بَيْنَ أَهْلِهَا) الفاتحين لها، لأنَّ ذلك حقُّهم بطريق الأصالة، لكنَّه رأى أنَّه إذا فعل ذلك لم يبقَ شيءٌ لمن يجيء بعدُ ممَّن يسدُّ من الإسلام مسدًّا، فاقتضى حسن نظره أن يفعل في ذلك أمرًا يَسَعُ أوَّلهم وآخرهم، فوقفها وضرب عليها الخراج للغانمين ولمن يجيء بعدهم من المسلمين، ومنع بيعها وأنَّ الحكم في أرض العَنْوة أن تُقسَم (كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ خَيْبَرَ) أي: بين من شهدها، كما تُقسَم الغنائم. وقال أبو حنيفة وصاحباه: الإمام بالخيار إن شاء خمَّسها وقسم أربعة أخماسها، وإن شاء تركها أرض خراجٍ، واحتجَّ لهم: بأنَّه لم يكن قسم خيبر بكمالها، ولكنَّه قسم طائفةً منها على ما احتجَّ به عمر في هذا الحديث، وترك طائفةً منها، فلم يقسمها على ما رُوِي عن ابن عبَّاسٍ وابن عمر وجابرٍ، والَّذي كان قسمه منها هو الشِّقُّ والنَّطاة، وترك سائرها. وعن سهل بن أبي حَثْمة (٣) -فيما رواه الطَّحاويُّ- قال: «قَسَمَ رسول الله خيبر نصفين نصفًا لنوائبه وحاجته، ونصفًا بين المسلمين» ففيه: أنَّه كان وَقَفَ نصفَها لنوائبه وحاجته، وقسم بقيَّتها بين من شهدها، وأنَّ الَّذي وقفه منها هو الَّذي كان دفعه إلى اليهود مزارعةً، على ما في حديث ابن عمر وجابرٍ. قال الطَّحاويُّ: فعلمنا من ذلك أنَّه قَسَم وله أن يَقْسِم، وترك (٤) وله أن يترك، فثبت بذلك أنَّ هذا حكم الأراضي (٥) المُفتَتحة، للإمام أن يقسمها إن رأى ذلك صلاحًا (٦) للمسلمين كما قَسَم ما قَسَمَ من خيبر، وله تركها إن رأى ذلك صلاحًا للمسلمين، وقد فعل عمر ذلك في


(١) في (ب): «الَّذين يُوجَدون».
(٢) في (د): «افتتحت»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
(٣) في (د): «خيثمة»، وهو تحريفٌ.
(٤) «وترك»: ضُرِب عليها في (د).
(٥) في (د): «الأرض».
(٦) في (د): «صالحًا» وكذا في الموضع اللَّاحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>