للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سليمان بن أبي سليمان الكوفيُّ (قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى) عبدَ الله ( يَقُولُ: أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ) جوعٌ شديدٌ (لَيَالِيَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ وَقَعْنَا فِي الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، فَانْتَحَرْنَاهَا) وفي رواية البراء وابن أبي أوفى في «المغازي» [خ¦٤٢٢١]: «فأصابوا حمرًا فطبخوها» (فَلَمَّا غَلَتِ القُدُورُ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ ) أبو طلحة: (أكْفِئُوا) بفتح الهمزة وسكون الكاف وكسر الفاء وبهمزةٍ، ولابن عساكر: «أن (١) أكفئوا» أي: أميلوا (القُدُورَ) لِيُراقَ ما فيها (فَلَا تَطْعَمُوا) بفتح أوَّله وثالثه، أي: فلا تذوقوا (مِنْ لُحُومِ الحُمُرِ شَيْئًا. قَالَ عَبْدُ اللهِ) هو ابن أبي أوفى: (فَقُلْنَا) أي: بعض الصَّحابة: (إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ ) أي: عنها (لأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ) بضمِّ أوله وفتح ثالثه المُشدَّد، أي: لم يُؤخَذ منها الخُمُس (قَالَ: وَقَالَ آخَرُونَ) من الصَّحابة: (حَرَّمَهَا) (البَتَّةَ) أي: قطعًا من البتِّ وهو القطع، والنَّصب على المصدريَّة، قال الشَّيبانيُّ: (وَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ: حَرَّمَهَا البَتَّةَ) وذكر (٢) الواقديُّ: أنَّ عدَّة الحُمر الَّتي ذبحوها كانت عشرين أو ثلاثين، كذا رواه بالشَّكِّ.

وسيأتي ما وقع من اختلاف الصَّحابة في علَّة النَّهي عن لحم الحُمر -إن شاء الله تعالى- واستُفيد من هذه الأحاديث: إباحةُ أكل الغانمين -قبل اختيار التَّملُّك وقبل رجوعهم لعمران الإسلام- ما يوجد من القوت والأدم والفاكهة، ونحوها ممَّا يُعتاد أكله للآدميِّ عمومًا، كاللَّحم والشَّحم، والعلف للدَّوابِّ -شعيرًا وتبنًا- لِمَا ذُكِر، ولحديث أبي داود والحاكم -وقال: صحيحٌ على شرط البخاريِّ- عن عبد الله بن أبي أوفى قال: «أصبنا مع رسول الله بخيبر طعامًا، فكان كلُّ واحدٍ منَّا يأخذ منه قدر كفايته» والمعنى فيه: عِزَّته بدار الحرب غالبًا، لإحراز أهله له عنَّا، فجعله الشَّارع مباحًا، ولأنَّه قد يَفْسُد، وقد يتعذَّر نقله، وقد تزيد مؤونة نقله عليه، سواءٌ كان معه طعامٌ يكفيه أم لا، لعموم الأحاديث، ويتزوَّدون منه لقطع المسافة الَّتي بين أيديهم بقدر الحاجة ولو كانوا أغنياء عنه. نعم، لو أكل فوق حاجته لزم (٣) قيمته كما صرَّح به في «الرَّوضة» قال الزَّركشيُّ: وكذا ينبغي أن يُقال به في علف الدَّوابِّ، لا الفانيذ والسُّكَّر والأدوية الَّتي تندر


(١) «أن»: سقط من (ص).
(٢) في (ص): «وزاد».
(٣) في (د): «لزمه».

<<  <  ج: ص:  >  >>