للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَثًا) منكرًا ليس بمعروفٍ (أَو آوَى مُحْدَِثًا) بهمزةٍ ممدودةٍ، و «محدِثًا» بكسر الدَّال، أي: نصر خائنًا (١) وآواه وأجاره من خصمه، وحال بينه وبين أن يُقتَصَّ منه، ويجوز فتح الدَّال، وهو الأمرُ المُبتدَع نفسُه، ويكون معنى الإيواء الرِّضا به والصَّبر عليه، فإذا رضي بالبدعة وأقرَّ فاعلها ولم ينكرها فقد آواه (فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ) فريضةٌ ولا نفلٌ، أو شفاعةٌ ولا فديةٌ (وَذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ) أي: عهدهم؛ لأنَّها يُذَمُّ متعاطيها على إضاعتها (يَسْعَى بِهَا) أي: يتولَّاها ويذهب بها (أَدْنَاهُمْ) أي: أقلُّهم عددًا، فإذا أمَّن أحدٌ من المسلمين كافرًا وأعطاه ذمَّته لم يكن لأحدٍ نقضه (فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا) بهمزةٍ مفتوحةٍ فخاءٍ ساكنةٍ مُعجَمةٍ (٢)، يُقال: خفرت الرَّجل: أَجَرْته وحفظته، وأخفرتُ الرَّجل، إذا نقضتَ عهده وذمامه، والهمزة فيه (٣) للإزالة، أي: أزلت خفارته، كأشكيته إذا أزلت شكواه (فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ، وَمَنْ وَالَى قَوْمًا) أي: اتَّخذهم (٤) أولياء (بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ) ظاهره يُوهم أنَّه شرطٌ، وليس شرطًا، لأنَّه لا يجوز له إذا أذنوا له (٥) أن يواليَ غيرهم، إنَّما هو بمعنى التَّوكيد لتحريمه، والتَّنبيه على بطلانه، والإرشاد إلى السَّبب فيه، لأنَّه إذا استأذن أولياءه في مُوالَاة غيرهم منعوه، والمعنى: إن سولَّت له نفسه ذلك فليستأذنهم، فإنَّهم يمنعونه (فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ (٦) مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ).

وهذا الحديث مرَّ في «باب ذمَّة المسلمين وجوارهم» [خ¦٣١٧٢] والغرض منه هنا -كما قال ابن حجرٍ-: «فمن أخفر مسلمًا» أي: نقض عهده كما مرَّ، وقال العينيُّ: يمكن أن تُؤخَذ المُطابَقة من قوله: «فمن أحدث حدثًا … » إلى آخره، لأنَّ (٧) في إحداث الحَدَثِ وإيواء المُحدِث والموالاة بغير إذن مواليه معنى الغدر، فلذا (٨) استحقَّ هؤلاء اللَّعنة. انتهى.


(١) في غير (د) و (م): «جانيًا».
(٢) «معجمة»: ليس في (د).
(٣) في (د): «منه».
(٤) في (ص): «اتَّخذ».
(٥) «له»: ليس في (م).
(٦) زيد في (م): اسم الجلالة.
(٧) في (م): «فإنَّ».
(٨) في (ص): «فلهذا».

<<  <  ج: ص:  >  >>