للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصله الطَّبريُّ (١) من طريق منذرٍ الثَّوريِّ عنه (وَ) قال (الحَسَنُ) البصريُّ ممَّا وصله الطَّبريُّ أيضًا من طريق قتادة عنه: (كُلٌّ عَلَيْهِ هَيِّنٌ) بتشديد الياء (هَيْنٌ) بسكونها، ولأبي ذرٍّ: «وَهَيْنٌ» بالواو مع التَّخفيف أيضًا (وَهَيِّنٌ) بالتَّشديد، يريد: أنَّهما لغتان، كما جاء في ألفاظٍ أُخَر، وهي (مِثْلُ: لَيْنٍ وَلَيِّنٍ، وَمَيْتٍ وَمَيِّتٍ، وَضَيْقٍ وَضَيِّقٍ) ثمَّ أشار المؤلِّف إلى قوله تعالى: (﴿أَفَعَيِينَا﴾ [ق: ١٥]) ﴿بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ﴾ أي: (أَفَأَعْيَا عَلَيْنَا حِينَ أَنْشَأَكُمْ وَأَنْشَأَ خَلْقَكُمْ؟) أي: ما أَعْجَزَنا الخلقُ الأوَّل حين أنشأناكم وأنشأنا خلقكم حتَّى نعجز عن الإعادة، مِن: عَيِي بالأمر، إذا لم يهتدِ لوجه علمه، والهمزة فيه للإنكار، وعدل عن التَّكلُّم في قوله: ﴿أَنشَأَكُم﴾ إلى الغيبة، التفاتًا. قال الكِرمانيُّ: والظَّاهر: أنَّ لفظ حين أنشأناكم إشارةٌ إلى آيةٍ أخرى مستقلَّةٍ، وأنشأ خلقكم إلى تفسيره، وهو قوله تعالى: ﴿إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ﴾ [النجم: ٣٢] فنقله البخاريُّ (٢) بالمعنى، حيث (٣) قال: حين أنشأكم بدل: ﴿إِذْ أَنشَأَكُم﴾ أو هو محذوفٌ في اللَّفظ واستغنى بالمفسِّر عن المفسَّر (لُغُوبٌ: النَّصَبُ) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ﴾ [ق: ٣٨] أي: من تعبٍ ولا نَصَبٍ ولا إعياءٍ، وهو ردٌّ لِمَا زعمت اليهود من أنَّه تعالى بدأ خلق العالم يوم الأحد، وفرغ منه يوم الجمعة، واستراح يوم السَّبت، واستلقى على العرش، تعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا. وقد أجمع علماء الإسلام قاطبةً على أنَّ الله تعالى خلق السَّموات والأرض وما بينهما في ستَّة أيَّامٍ كما دلَّ عليه القرآن. نعم اختلفوا في هذه الأيَّام: أهي كأيَّامنا هذه، أو كلُّ يومٍ كألف سنةٍ؟ على قولين، والجمهور: على أنَّها كأيَّامنا هذه. وعن ابن عبَّاسٍ ومجاهدٍ والضَّحَّاك وكعبٍ (٤): أنَّ (٥) كلَّ يومٍ كألف سنةٍ ممَّا تعدُّون. رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ. وحكى ابن جريرٍ في أوَّل الأيَّام ثلاثة أقوالٍ: فرُوِي عن


(١) زيد في (ب) و (س): «أيضًا».
(٢) «البخاريُّ» ليس في (د).
(٣) «حيث»: ليس في (ص) و (م).
(٤) «وكعبٍ»: ليس في (م).
(٥) «أنَّ»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>