للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنَّها استئنافيَّةٌ (وَأَثْنَى عَلَيْهِ) ذَكَرَه بالخير (١)، أوِ الأوَّل وصفٌ بالتَّحلِّي بالكمال، والثَّاني وصف بالتَّخلِّي عن النَّقائص، وحينئذٍ فالأولى إشارةٌ إلى الصِّفات الوجوديَّة، والثَّانية إلى الصِّفات العدميَّة، أي: التَّنزُّهات (٢) (وَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللهِ) أي: الزموه (وَحْدَهُ) أي: حال كونه منفردًا (لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالوَقَارِ) أي: الرَّزانة؛ وهو بفتح الواو والجرِّ عطفًا على «اتِّقاء» (٣) أي: وعليكم بالوقار (وَالسَّكِينَةِ) أي: السُّكون (حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ) بدلَ أميرِكم «المغيرة» المُتوفَّى (فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الآنَ) بالنَّصب على الظَّرفيَّة، أي: المدَّة القريبة من الآن، فيكون الأمير زيادًا إذ ولَّاه معاوية بعد وفاة المغيرة الكوفة، أو المُرَاد الآن حقيقةً، فيكون الأمير جريرًا بنفسه لِمَا رُوِيَ أنَّ المغيرة استخلف جريرًا على الكوفة عند موته، وإنَّما أمرهم بما ذكره مُقدِّمًا لتقوى الله تعالى لأنَّ الغالب أنَّ وفاة الأمراء تؤدِّي إلى الاضطراب والفتنة، ولاسيَّما ما كان عليه أهل الكوفة إذ ذاك من مخالفة ولاة الأمور، ومفهوم الغاية من «حتَّى» هنا، وهو أنَّ المأمور به؛ وهو الاتِّقاء به ينتهي بمجيء الأمير ليس مُرَادًا، بل يلزم (٤) عند مجيء الأمير بطريق الأَوْلى، وشرط اعتبار مفهوم المُخالَفَة ألَّا يعارضه مفهوم المُوافَقَة (ثُمَّ قَالَ) جريرٌ: (اسْتَعْفُوا) بالعين المُهمَلَة، أي: اطلبوا العفوَ (لأَمِيرِكُمْ) المُتوفَّى من الله تعالى (فَإِنَّهُ) أي: الأمير، والفاء للتَّعليل (كَانَ يُحِبُّ العَفْوَ) عن


(١) في (ص): «بجميل».
(٢) في (س) و (ص): «التَّنزيهات».
(٣) «على اتِّقاء»: سقط من (ص) و (م).
(٤) في (م): «يستلزم».

<<  <  ج: ص:  >  >>