للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِحَيَاتِهِ) لم يقل أحدٌ: إنَّ الكسوف لحياة أحدٍ، فَذِكْرُ ذلك إنَّما هو تتميمٌ (١) للتَّقسيم، أو لدفع توهُّم من يقول: لا (٢) يلزم من نفي كونه سببًا للفقد ألَّا يكون سببًا للإيجاد، فعمَّ النَّفيَ (٣)، لدفع هذا التَّوهُّم، وهذا القول صدر منه لمَّا مات ابنه إبراهيم وقال الناس: إنَّما كُسِفت لموته، إبطالًا لِمَا كان أهل الجاهليَّة يعتقدونه من تأثيرهما (وَلَكِنَّهُمَا) أي: خسوفهما (آيَتَانِ) ولأبي ذرٍّ: «آيةٌ» بالإفراد (مِنْ آيَاتِ اللهِ) الدَّالَّة على وحدانيَّته وعظيم قدرته (فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا) بالتَّثنية، أي: كسوف كلِّ واحدٍ منهما على انفراده، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «فإذا رأيتموه» أي: الكسوف (فَصَلُّوا) أي: صلاة الكسوف. وحكمة الكسوف: أنَّ الله تعالى لمَّا أجرى في سابق علمه أنَّ الكواكب تُعبَد من دونه -وخاصَّةً النَّيِّرين- قضى عليهما بالخسوف والكسوف، وجعلهما لها (٤) بمنزلة الحتوف، وصيَّر ذلك دلالةً على أنَّهما مع (٥) إشراق نورهما وما يظهر من حسن آثارهما مأموران مقهوران، في مصالح العباد مُسيَّران، وفي يوم القيامة مُكوَّران (٦)، فعَبَدة الشَّمس زعمت أنَّها مَلَكٌ من الملائكة له نفسٌ وعقلٌ، ومنها: نور الكواكب وضياء العالم، وهي مَلَك الفلك. فلذا يستحقُّ (٧) التَّعظيم والسُّجود. ومن سنَّتهم إذا نظروا إلى الشَّمس قد أشرقت سجدوا لها، وقالوا: ما أحسنك من نورٍ لا تقدر الأبصار أن تمتدَّ بالنَّظر إليك، فلكِ المجد والتَّسبيح، وإيَّاك نطلب وإليك نسعى لندرك السُّكنى بقربك … إلى غير ذلك ممَّا نُقِل عنهم من الخرافات. فسبحان من حجبهم عن رؤية الحقائق، وحاد بهم عن متون الطَّرائق، فجهلوا أنَّ صفات المخلوق تباين صفات الخالق، وأنَّ العبادة لا يستحقُّها إلَّا من هو للحَبِّ والنَّوى فالق.


(١) في (م): «ذلك إمَّا تتميمًا».
(٢) «لا»: سقط من (ص) و (م).
(٣) في (م): «اكتفى» وهو تحريفٌ.
(٤) في (د): «لهما» وليس في (م).
(٥) في (م): «من» وهو تحريفٌ.
(٦) في (د) و (ص): «يُكوَّران».
(٧) في (د): «استحقَّ».

<<  <  ج: ص:  >  >>