للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيكتب ما هو لاقٍ بين عينيه» (ثُمَّ) بعد كتابة الملك هذه الأربعة (يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ) بعد تمام صورته، ثمَّ إنَّ حكمة تحوُّل الإنسان في بطن أمِّه حالةً بعد حالةٍ مع أنَّ الله تعالى قادرٌ على أن يخلقه في أقلَّ من لمحةٍ: أنَّ في التَّحويل فوائد: منها: أنَّه لو خلقه دفعةً واحدةً لشقَّ على الأمِّ، فجعله أوَّلًا نطفةً، لتعتاد بها (١) مدَّةً، ثمَّ علقةً كذلك، وهَلُمَّ جرًّا، ومنها: إظهار قدرته تعالى، حيث قلبه من تلك الأطوار إلى كونه إنسانًا حَسَنَ الصُّورة متحلِّيًا بالعقل، ومنها: التَّنبيه والإرشاد (٢) على كمال قدرته على الحشر والنَّشر، لأنَّ من قدر على خلق الإنسان من ماءٍ مَهينٍ، ثمَّ من علقةٍ، ثمَّ من مضغةٍ، قادرٌ على إعادته وحشره للحساب والجزاء، قاله المُظَهَّرِيُّ.

(فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونَُ) نُصِب بـ «حتَّى»، و «ما» نافيةٌ غير مانعةٍ لها من العمل، أو رُفِع، وهو (٣) الَّذي في الفرع (٤) على أنَّ «حتَّى» ابتدائيَّةٌ. وفي «كتاب القدر» [خ¦٦٥٩٤] من طريق أبي الوليد الطَّيالسيِّ عن شعبة عن الأعمش: «وإنَّ الرَّجل ليعمل بعمل أهل الجنَّة حتَّى ما يكون» (بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ) أي: ما يبقى (٥) بينه وبين أن يصل إلى الجنَّة إلَّا كمن بقي بينه وبين موضعٍ من الأرض ذراعٌ، فهو تمثيلٌ بقرب حاله من الموت، وضابط ذلك بالغرغرة (٦) الَّتي جُعِلت علامةً لعدم قبول التَّوبة (فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ) الَّذي كتبه الملَك وهو في بطن أمِّه، والفاء للتَّعقيب الدَّالِّ على (٧) حصول السَّبق بغير مهلةٍ (فَيَعْمَلُ) عند ذلك، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: «يعمل» (بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ) أي: فيدخلها (وَيَعْمَلُ) أي: بعمل أهل النَّار (حَتَّى


(١) في (م): «لها» وهو تحريفٌ.
(٢) في (د): «والإشارة».
(٣) في (م): «وهذا».
(٤) في (ص): «الرَّفع» وهو تحريفٌ.
(٥) في (د): «بقي».
(٦) في (م): «في الغرغرة».
(٧) في (ص): «عليه».

<<  <  ج: ص:  >  >>