للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأدلَّة، أو لأنَّه لم يقع له حديثٌ من هذا النَّوع على شرطه، أو اخترمته المنيَّة قبل أن يُلْحِقَ بالباب حديثًا يناسبه؛ لأنَّه كَتَبَ الأبواب والتَّراجم، ثمَّ كان يُلْحِقُ فيها ما يناسبها من الحديث على شرطه، فلم يقع له شيءٌ من ذلك، ولو لم يكن من فضيلة العلم إِلَّا آية ﴿شَهِدَ اللّهُ﴾ [آل عمران: ١٨] فبدأ الله تعالى بنفسه، وثَنَّى بملائكته، وثَلَّثَ بأهل العلم، وناهيك بهذا شرفًا، و «العلماء ورثة الأنبياء» كما ثبت في الحديث [خ¦٣/ ١٠ - ١٢٣] وإذا كان لا رتبة فوق النُّبوَّة فلا شرف فوق شرف الوراثة لتلك الرُّتبة، وغايةُ العلمِ العملُ؛ لأنَّه ثمرتُه وفائدةُ العمر وزادُ الآخرة، فمن ظفر به سَعِد، ومن فاته خَسِر، فإذًا: العلم أفضل من العمل به؛ إذ (١) شرفه بشرف معلومه، والعمل بلا علمٍ لا يُسمَّى عملًا، بل هو ردٌّ وباطلٌ، وينقسم العلم بانقسام المعلومات، وهي لا تُحصَى:

فمنها العلم (٢) الظَّاهر، والمُرَاد به العلم الشَّرعيُّ المُقيَّد بما يلزم المُكلَّف في أمر دينه عبادةً ومُعامَلَةً، وهو يدور على التَّفسير والفقه والحديث، وقد عدَّ الشَّيخ عزُّ الدِّين بن عبد السَّلام تعلُّم النَّحو، وحفظ غريب الكتاب والسُّنَّة، وتدوين أصول الفقه، من البدع الواجبة.

ومنها علم الباطن؛ وهو نوعان: الأوَّل علم المُعامَلَة، وهو فرضُ عينٍ في فتوى علماء الآخرة، فالمُعْرِضُ عنه هالكٌ بسطوة مالك الملوك في الآخرة، كما أنَّ المُعْرِضَ عن الأعمال الظَّاهرة هالكٌ بسيف سلاطين الدُّنيا بحكم فتوى فقهاء الدُّنيا (٣)، وحقيقته: النَّظر في تصفية القلب وتهذيب النَّفس؛ باتِّقاء الأخلاق الذَّميمة التي ذمَّها الشَّارع كالرِّياء والعُجْب والغشِّ وحبِّ العلوِّ والثَّناء والفخر والطَّمع؛ ليتَّصِفَ بالأخلاق الحميدة المحمَّديَّة كالإخلاص والشُّكر والصَّبر والزُّهد والتَّقوى والقناعة؛ ليصلح عند إحكامه ذلك لعمله بعلمه ليرث ما لم


(١) في (ب) و (س): «لأنَّ».
(٢) «العلم»: سقط من (س).
(٣) في (ص): «الدِّين».

<<  <  ج: ص:  >  >>