للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حُيَيٍّ، فَقَالَا: سُبْحَانَ اللهِ! يَا رَسُولَ اللهِ) أي: تنزَّه الله عن (١) أن يكون رسوله متَّهمًا بما لا ينبغي (قَالَ) : (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ) حقيقةً، لِمَا خلق الله فيه من القوَّة والاقتدار على ذلك. وقال القاضي عبد الجبَّار فيما نقله صاحب «آكام المرجان»: إذا صحَّ ما دللنا عليه من رقَّة أجسامهم وأنَّها (٢) كالهواء لم (٣) يمتنع دخولهم في أبداننا، كما يدخل الرِّيح والنَّفس المتردِّد -الَّذي هو الرُّوح- في أبداننا، ولا يؤدِّي ذلك إلى اجتماع الجواهر في حيِّزٍ واحدٍ، لأنَّها لا تجتمع إلَّا على طريق المجاورة لا على سبيل الحلول، وإنَّما تدخل في أجسامنا كما يدخل الجسم الرَّقيق في الظُّروف. وقال ابن عقيلٍ: إن قال قائلٌ: كيف الوسوسة من إبليس وكيف وصوله إلى القلب؟ قل (٤): هو كلامٌ -على ما قيل- تميل إليه النُّفوس (٥) والطَّبع، وقد قيل: يدخل في جسد ابن آدم، لأنَّه جسمٌ لطيفٌ، وهو أنَّه يحدِّث النَّفس بالأفكار الرَّديئة. قال الله تعالى: ﴿يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾ [الناس: ٥] فإن قالوا: هذا لا يصحُّ، لأنَّ القسمين باطلان، أمَّا حديثه فلو كان موجودًا لسُمِع بالآذان، وأمَّا دخوله في (٦) الأجسام فالأجسام لا تتداخل، ولأنَّه نارٌ فكان يجب أن يحرق الإنسان. قل (٧): أمَّا حديثه فيجوز أن يكون شيئًا تميل إليه النَّفس، كالسِّحر الَّذي يُتوِّقُ (٨) النَّفسَ إلى المسحور وإن لم يكن صوتًا، وأمَّا قوله: لو أنَّه دخل فيه لتداخلت الأجسام ولاحترق الإنسان، فغلطٌ، لأنَّه ليس بنارٍ محرقةٍ وإنَّما أصل خلقتهم من نارٍ، والجسم اللَّطيف يجوز أن يدخل إلى مخاريق الجسم الكثيف، كالرُّوح عندكم والهواء الدَّاخل في جميع الأجسام، والجنُّ جسمٌ لطيفٌ، وقيل: المراد بإجرائه مجرى الدَّم:


(١) «عن»: ليس في (ص).
(٢) «وأنَّها»: ليس في (م).
(٣) في (د): «لا».
(٤) في (د): «قيل».
(٥) في (ب) و (س): «النَّفس».
(٦) «في»: ليس في (م).
(٧) في (م): «قلت».
(٨) في (م): «يفوق» ولعلَّه تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>