للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: نَزَلَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ) عُزَيرٌ أو موسى (تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَدَغَتْهُ) بالدَّال المهملة والغين المعجمة، قرصته (نَمْلَةٌ) سُمِّيت نملةً (١) لتنمُّلها، وهو كثرة حركتها وقلَّة قوائمها (فَأَمَرَ بِجَِهَازِهِ) بفتح الجيم وكسرها، أي: بمتاعه (فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهَا) أي: من تحت الشَّجرة (ثُمَّ أَمَرَ بِبَيْتِهَا) أي: ببيت (٢) النَّملة. وفي «الجهاد» [خ¦٣٠١٩] من طريق الزُّهريِّ: بقرية النَّمل، أي: موضع اجتماعها (فَأُحْرِقَ بِالنَّارِ، فَأَوْحَى اللهُ) ﷿ (إِلَيْهِ) أي (٣): إلى ذلك النَّبيِّ : (فَهَلَّا) أحرقت (نَمْلَةً وَاحِدَةً؟) وهي الَّتي قرصتك دون غيرها؛ إذ لم يقع منها ما يقتضي إحراقها، وقول النَّوويِّ: «ولعلَّه كان جائزًا في شريعة ذلك النَّبيِّ قتل النَّملة (٤) والتَّعذيب بالنَّار» مُتعقَّبٌ بأنه لوكان جائزًا لم يُعاتَب أصلًا ورأسًا. ولا يجوز عندنا قتل النَّمل لحديث ابن عبَّاسٍ المرويِّ في «السُّنن»: أنَّ النَّبيَّ نهى عن قتل النَّملة والنَّحلة، لكن خصَّ الخطَّابيُّ النَّهي بالسُّليمانيِّ الكبير، أمَّا الصَّغير المسمَّى بالذَّرِّ فقتله جائزٌ، وكره مالكٌ قتل النَّمل إلَّا أن يضرَّ ولا يقدر على دفعه إلَّا بالقتل. وقال الدَّميريُّ: قوله: «هلَّا نملةً واحدةً (٥)؟» دليلٌ على جواز قتل المؤذي. وكلُّ قتلٍ كان لنفعٍ أو دفع ضررٍ (٦) فلا بأس به عند العلماء. ولم يخصَّ تلك النَّملة الَّتي لدغت من غيرها، لأنَّه ليس المراد القصاص لأنَّه لو أراده لقال: هلَّا (٧) نملتك الَّتي لَدَغَتْكَ، ولكن قال: هلَّا نملةً، فكأنَّ (٨) نملةً تعمُّ البريء والجاني، وقد ذُكِر أنَّ لهذه القصَّة سببًا، وهو أنَّ هذا النَّبيَّ مرَّ على قريةٍ أهلكها الله تعالى بذنوب أهلها، فوقف متعجِّبًا فقال: يا ربِّ، كان فيهم صبيانُ ودوابُ ومن لم يقترف ذنبًا، ثمَّ نزل تحت شجرةٍ


(١) «نملةً»: ليس في (ص)، وفي (م): «به».
(٢) في (د ١) و (ص) و (م): «بيت».
(٣) «أي»: مثبتٌ من (م).
(٤) في (س): «النَّمل».
(٥) «واحدةً»: ليس في (د).
(٦) في (د): «ضرٍّ».
(٧) في غير (ب) و (س): «ألا»، وكذا في الموضع اللَّاحق.
(٨) في (د): «لأنَّ».

<<  <  ج: ص:  >  >>