للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وثلاثًا (١) وثلاثين وثلث ذراعٍ، إلى غير ذلك من الهذيانات الَّتي لولا أنَّها مُسطَّرةٌ في كثيرٍ من كتب التَّفاسير وغيرها من التَّواريخ وغيرها من أيَّام النَّاس، لَمَا تعرَّضنا لحكايتها لسقاطتها وركاكتها، ثمَّ إنَّها مخالفةٌ للمعقول والمنقول. أمَّا المعقول (٢) فكيف يسوغ أنَّ الله يهلك ولد نوحٍ لكفره وأبوه نبيُّ الأمَّة وزعيم أهل الإيمان، ولا يهلك عوج بن عنقٍ وهو أظلم وأطغى على ما ذكروا، ولا يرحم منهم أحدًا ويترك هذا الجبَّار العنيد، الفاجر الشَّديد، الكافر الشَّيطان (٣) المَريد؟! على ما ذكروا. وأمَّا المنقول فقال الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ﴾ [الشعراء: ٦٦] وقال: ﴿رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦] ثمَّ هذا الطُّول الَّذي ذكروا (٤) مخالفٌ لما في «الصَّحيحين» [خ¦٣٣٢٦] عن رسول الله : «أنَّ الله تعالى خلق آدم طوله ستُّون ذراعًا، ثمَّ لم يزل الخلق ينقص حتَّى الآن» فهذا نصُّ الصَّادق المصدوق المعصوم (٥) الَّذي لا ينطق عن الهوى ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٤] إنَّه لم يزل ينقص حتَّى الآن، أي: لم يزل النَّاس في نقصانٍ في (٦) طولهم من آدم إلى يوم إخباره بذلك، وهلمَّ جرًّا إلى يوم القيامة، وهذا يقتضي أنَّه لم يوجد من ذرِّيَّة آدم من كان أطول منه، وكيف يُترَك ويُصار إلى قول (٧) الكَذَبة الكَفَرة من أهل الكتاب الَّذين بدَّلوا كتب الله المنزَّلة، وحرَّفوها وأوَّلوها (٨) ووضعوها على غير مواضعها، عليهم لعائنُ الله المتتابعة إلى يوم القيامة، وما أظنُّ هذا الخبر عن عوج بن عنقٍ (٩) إلَّا اختلاقًا من بعض زنادقتهم وكفَّارهم الَّذين كانوا أعداء الأنبياء، والله أعلم. انتهى (١٠).


(١) «وثلاثًا»: ليس في (ص).
(٢) في غير (ب) و (س): «العقل».
(٣) «الشَّيطان»: ليس في (د).
(٤) في (ص): «ذُكِر».
(٥) «المعصوم»: ليس في (د).
(٦) «في»: ليس في (م).
(٧) في (ص): «نحو».
(٨) «وأوَّلوها»: ليس في (ص).
(٩) «بن عنقٍ»: ليس في (م).
(١٠) «انتهى»: مثبتٌ من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>