للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تفقرني بالاستغناء عنك»، وقيل: من الخُلَّة -بالضَّمِّ- وهي المودَّة الخالصة، أو من التَّخلُّل. قال ثعلبٌ: لأنَّ مودَّته تتخلَّل القلب (١)، وأنشد يقول (٢):

قد تخلَّلتِ مسلك الرُّوح منِّي … وبذا (٣) سُمِّي الخليل خليلا

وقال الزَّجَّاج: معنى الخليل: الَّذي ليس في محبَّته خللٌ، وسُمِّي إبراهيم خليل الله، لأنَّه أحبَّه محبَّةً كاملةً ليس فيها نقصٌ ولا خللٌ. وقال القرطبيُّ: الخليل «فعيلٌ» بمعنى: «فاعلٍ» كالعليم بمعنى: عالمٍ، وقيل: هو بمعنى: «المفعول» كالحبيب بمعنى: المحبوب، وقيل: الخليل هو الَّذي يوافقك في خِلَالك. قال : «تخلَّقوا بأخلاق الله»، فلمَّا بلغ إبراهيم في هذا الباب (٤) مبلغًا لم يبلغه أحدٌ ممَّن تقدَّمه؛ لا جَرَمَ خصَّه الله تعالى بهذا الاسم، وقال الإمام فخر الدِّين: إنَّما سُمِّي خليلًا لأنَّ محبَّة الله تخلَّلت في جميع قواه، فصار بحيث لا يرى إلَّا الله، ولا يتحرَّك إلَّا لله، ولا يسكن إلَّا لله، ولا يمشي إلَّا لله، ولا يسمع إلَّا بالله، فكان نور جلال الله قد سرى في جميع قواه الجسمانيَّة، وتخلَّل فيها وغاص في جواهرها، ووغل في ماهيَّتها. وقال في «الكشَّاف»: هو مجازٌ عن اصطفائه واختصاصه بكرامةٍ تشبه كرامة الخليل عند خليله، والخليل المخالُّ، وهو الَّذي يخاللك (٥)، أي: يوافقك في خلالك، أو يسايرك في طريقك، من


(١) في (م): «بالقلب».
(٢) «يقول»: مثبتٌ من (م).
(٣) في (ب): «ولذا».
(٤) «في هذا الباب»: ليس في (م).
(٥) في (ب) و (ص): «يخالُّك».

<<  <  ج: ص:  >  >>