للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلْتُ: فَلَعَلَّهَا: أَو كُذِبُوا. قَالَتْ: مَعَاذَ اللهِ، لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ) أي: إخلاف الوعد (بِرَبِّهَا، وَأَمَّا هَذِهِ الآيَةُ قَالَتْ): فالمراد من الظَّانِّين فيها (هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ) أي: وصدَّقوا الرُّسل (وَطَالَ عَلَيْهِمُ البَلَاءُ، وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ، حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَتْ) أي: الرُّسل (مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، وَظَنُّوا أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ كَذَّبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ اللهِ) وظاهر هذا: أنَّ عائشة أنكرت قراءة التَّخفيف بناءً على أنَّ الضَّمير للرُّسل، ولعلَّها لم تبلغها، فقد ثبتت في قراءة الكوفيِّين، ووُجِّهت: بأنَّ الضَّمير في ﴿وَظَنُّواْ﴾ عائدٌ على المرسَل إليهم لتقدُّمهم في قوله تعالى: ﴿كَيْفَ كَانَ (١) عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ [فاطر: ٤٤] ولأنَّ الرُّسل تستدعي مرسلًا إليه، أي: وظنَّ المرسَل إليهم أنَّ الرُّسل قد كذَّبوهم بالدَّعوة والوعيد، وقيل: الأوَّل للمرسَل إليهم، والثَّاني: للرُّسل، أي: وظنُّوا أنَّ الرُّسل قد كذَّبوا وأخلفوا فيما وُعِد لهم من النَّصر، وخُلط الأمر عليهم. قال في «الأنوار» كـ «الكشاف»: وما رُوِي (٢) عن ابن عبَّاسٍ : أنَّ الرُّسل ظنُّوا أنَّهم أُخلفوا ما وعدهم من النصر، إن صحَّ فقد أراد بالظَّنِّ ما يَهْجُس في القلب على طريق الوسوسة. انتهى. وهذا فيه شيءٌ، فإنَّه (٣) لا يجوز أن يُقال: أراد بالظَّنِّ ما يهجس في القلب على طريق الوسوسة، فإنَّ الوسوسة من الشَّيطان، وهم معصومون منه.

وهذا الحديث يأتي إن شاء الله تعالى في «التَّفسير» [خ¦٤٥٢٥].

(قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) البخاري: (﴿اسْتَيْأَسُواْ﴾) وزنه («افْتَعَلُوا» مِنْ يَئِسْتُ) وللأَصيليِّ: «استفعلوا» بالسِّين والتَّاء الفوقيَّة، وهو الصَّواب، و «استفعل» هنا بمعنى «فعل» المجرَّد، يُقال (٤): يئس واستيئس بمعنًى نحو: عجب واستعجب، وسخر واستسخر، والسِّين والتَّاء زيدتا للمبالغة (﴿مِنْهُ﴾ [يوسف: ٨٠]) أي: (مِنْ يُوسُفَ) وعند ابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق: فلمَّا استيئسوا، أي: لمَّا حصل لهم اليأس من يوسف. انتهى. أي: أيسوا (٥) منه أن يجيبهم إلى ما سألوه، وقال


(١) «كان»: سقط من (س).
(٢) في (د): «ورد».
(٣) في (م): «لأنَّه».
(٤) في (د): «فقال».
(٥) في (د): «يئسوا».

<<  <  ج: ص:  >  >>