للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المهملة والرَّاء السَّاكنة والموحَّدة بدل «الجزية» (حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الوَاحِدَةُ خَيْرٌ) بالرَّفع، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ (١): «خيرًا» بالنَّصب خبر «كان» (مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) و «حتَّى» الأولى متعلِّقةٌ بقوله: «ويفيض (٢) المال»، والثَّانية غايةٌ لمفهوم قوله: «فيكسر الصَّليب … » إلى آخره، والمعنى: أنَّهم لا يتقرَّبون إلى الله بالتَّصدُّق بالمال بل بالعبادة، لكثرة المال إذ ذاك وعدم الانتفاع به، وإلَّا فمعلومٌ أنَّ السَّجدة الواحدة دائمًا خيرٌ من الدُّنيا وما فيها.

(ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ) بالإسناد السَّابق، مستدلًّا على نزول عيسى في آخر الزَّمان تصديقًا للحديث: (وَاقْرَؤُوْا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ﴾) بعيسى (﴿قَبْلَ مَوْتِهِ﴾) أي: وإن من أهل الكتاب أحدٌ إلَّا ليؤمننَّ بعيسى قبل موت عيسى، وهم أهل الكتاب الَّذين يكونون في زمانه، فتكون الملَّة واحدةً، وهي ملَّة الإسلام. وبهذا جزم ابن عبَّاسٍ فيما رواه ابن جريرٍ من طريق سعيد بن جُبَيرٍ عنه بإسنادٍ صحيحٍ. وقيل: المعنى: ليس من أهل الكتاب أحدٌ يحضره الموت إلَّا آمن عند المعاينة قبل خروج روحه بعيسى، وأنَّه عبدُ اللهِ وابنُ أَمَته، ولكن لا ينفعه الإيمان في تلك الحالة. وظاهر القرآن عمومه في كلِّ كتابيٍّ -يهوديٍّ أو نصرانيٍّ- في زمن نزول عيسى وقبله. فإن قلت: ما الحكمة في نزول عيسى (٣) دون غيره من الأنبياء؟ أُجيب للرَّدِّ على اليهود؛ حيث زعموا أنَّهم قتلوه، فبيَّن الله تعالى كذبهم وأنَّه الَّذي يقتلهم (﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ [النساء: ١٥٩]) أنَّه قد بلَّغهم رسالة ربِّه، ومقرًّا بالعبوديَّة على نفسه، وكلُّ نبيٍّ شاهدٌ على أمَّته.


(١) في (د): «بالرَّفع وللأصيليِّ».
(٢) في (د): متعلِّقةٌ بـ «يفيض».
(٣) «عيسى»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>