للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المؤلِّف على مكانة العلم خوفًا من أن يَسبِق إلى الذِّهن -من قولهم: لا ينفع العلم إلَّا بالعمل- تَوهينُ أمر العلم والتَّساهل في طلبه (لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى) وللأَصيليِّ: «﷿»: (﴿فَاعْلَمْ﴾) أي: يا محمَّد (﴿أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ﴾ [محمد: ١٩] فَبَدَأَ) تعالى (بِالعِلْمِ) أوَّلًا حيث قال: ﴿فَاعْلَمْ﴾ ثمَّ قال: ﴿وَاسْتَغْفِرْ﴾ إشارةً إلى القول والعمل، وهذا وإن كان خطابًا له فهو يتناول أمَّته، أوِ الأمر للدَّوام والثَّبات؛ كقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ﴾ [الأحزاب: ١] أي: دُمْ على التَّقوى (وَأَنَّ العُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ) بفتح همزة «أَنَّ» عطفًا على سابقه، أو -بكسرها- على الحكاية (وَرَّثُوا) بتشديد الرَّاء المفتوحة، أي: الأنبياء، أو بالتَّخفيف مع الكسر، وهو في «اليونينيَّة» من غير رقمٍ (١)، أي: العلماء وَرِثُوا (العِلْمَ، مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ) من ميراث النُّبوَّة (بِحَظٍّ وَافِرٍ) أي: بنصيبٍ كاملٍ، وهذا كلُّه قطعةٌ من حديثٍ عند أبي داودَ والتِّرمذيِّ وابن حبَّانَ والحاكم مُصحَّحًا من حديث أبي الدَّرداء، وضعَّفه غيرهم بالاضطراب في سنده، لكنْ له شواهدُ يتقوَّى بها، ومُناسَبَته للتَّرجمة من جهة أنَّ الوارث قائمٌ مقام المُورِّث، فله حكمه فيما قام مقامه فيه (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا) حال كونه (يَطْلُبُ بِهِ) أي: السَّالك (عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا) أي: في الآخرة أو في الدُّنيا بأن يوفِّقه للأعمال الصَّالحة الموصلة (إِلَى الجَنَّةِ) أو هو بشارةٌ بتسهيل العلم على طالبه لأنَّ طلبه من الطُّرق الموصلة إلى الجنَّة، ونكَّر «علمًا» كـ «طريقًا» ليندرج فيه القليل والكثير، وليتناول أنواع الطُّرق الموصلة إلى تحصيل العلوم الدينيَّة، وهذه الجملة أخرجها مسلمٌ من حديث الأعمش عن أبي صالحٍ، والتِّرمذيُّ وقال: حسنٌ، وإنَّما لم يَقُلْ: صحيحٌ لتدليس الأعمش، لكنْ في رواية مسلمٍ عنِ الأعمش: حدَّثنا أبو صالحٍ، فانتفت تهمة تدليسه. وفي «مُسنَد الفردوس» بسنده إلى سعيد بن جبيرٍ قال: قال رسول الله : «ارحموا طالب العلم؛ فإنَّه متعوب البدن، لولا أنَّه يَأْخذُ بالعُجْب لصافحته الملائكة مُعايَنةً، ولكنْ يأخذ بالعُجْب ويريد أن يَقْهَرَ مَن هو أعلم منه» (٢) (وَقَالَ) الله (جَلَّ ذِكْرُهُ) وفي


(١) قوله: «وهو في اليونينيَّة من غير رقمٍ» مثبتٌ من (م).
(٢) قوله: «وفي مُسنَد الفردوس بسنده إلى … ويريد أن يقهر من هو أعلم منه» سقط من (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>