للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، وَلَا تُؤْثَرُ) بالمثنَّاة الفوقيَّة والمثلَّثة، ولا (١) تروى (عَنْ رَسُولِ اللهِ ، فَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَالأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا) بتشديد ياء «الأمانيَّ» جمعُ أُمنيَّة، وهي المتُمنَّيات، وما حكاه العينيُّ من أنَّ «الأمانيّ» بمعنى: التلاوة، قال: وكان المعنى: إيَّاكم وقراءةَ ما في الصُّحفِ التي تُؤثَرُ عن أهل الكتاب، وكانَ ابنُ عمرٍو قد قرأ التوراةَ ويَحكي عن أهلها، وإلَّا فلو حدَّثَ عنِ النبيِّ لم يُنكرْ عليه معاويةُ، لأنَّه لم يكن متَّهمًا .. معارَضٌ بما في «البخاريِّ» من حديث أبي هريرة مرفوعًا من خروج القحطاني [خ¦٣٥١٧] [خ¦٧١١٧] لكن سكوت عبد الله بن عَمرٍو يُشعِر (٢) بأنَّه لم يكن عنده في ذلك حديثٌ مرفوعٌ (٣) (فإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الأَمْرَ) أي: الخلافة (فِي قُرَيْشٍ) يستحقونها دون غيرهم (لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ) في ذلك (إِلَّا كَبَّهُ اللهُ عَلَى وَجْهِهِ) وفي نسخة: «أَكَبَّه» بالهمزة، وهذا الفعل من النوادر، فإن ثلاثيه متعدٍّ، فإذا دخلت عليه الهمزةُ صار لازمًا، على عكس المعهود في الأَصل (مَا أَقَامُوا) أي: مدَّة إقامتهم (الدِّينَ) أو أنَّهم إذا لم يُقيموا الدِّينَ لا يُسمَعُ لهم، وهذا الذي أنكره معاويةُ على ابن عمرٍو قد صحَّ من حديث أبي هريرةَ عند المؤلِّف كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى، عن النبيِّ قال: «لا تقومُ الساعةُ حتى يخرجَ رجلٌ من قحطانَ يسوقُ الناسَ بعصاهُ» [خ¦٣٥١٧] [خ¦٧١١٧] ولا تناقُضَ بين الحديثينِ، لأنَّ خروجَ هذا القحطانيِّ إنَّما يكونُ إذا لم تُقِم قريشٌ الدِّينَ، فيُدال عليهم في آخر الزمان، واستحقاقُ قريشٍ الخلافةَ لا يَمنَعُ وجودها في غيرِهم، فحديثُ عبدِ الله في خروجِ القحطانيِّ حكايةٌ عنِ الواقعِ، وحديثُ معاويةَ في الاستحقاقِ، وهو مقيَّدٌ بإقامة الدِّينِ، ومِن ثَمَّ لمَّا استخفَّ الخلفاءُ بأمرِ الدِّينِ ضَعُفَ أمرُهم،


(١) في (ب) و (س): «لا».
(٢) في (د): «مشعرٌ».
(٣) في غير (د): «معروف».

<<  <  ج: ص:  >  >>