للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعشرين سنةً من الطُّوفان (فِي البَحْرِ إِلَى الخَضِرِ) ؛ بفتح الخاء وكسر الضَّاد المُعجَمَتين، وقد تُسكَّن الضَّاد مع كسر الخاء وفتحها، وكنيته أبو العبَّاس، واختُلِف في اسمه كأبيه، وهل هو نبيٌّ أو رسولٌ أو مَلَكٌ؟ وهل هو حيٌّ أو ميتٌ؟ فقال ابن قتيبة: اسمه (١): بَلْيَا؛ بفتح المُوحَّدة وسكون اللَّام، وبمُثنَّاةٍ تحتيَّةٍ، ابن مَلْكان؛ بفتح الميم وسكون اللَّام، وقِيلَ: إنَّه ابن فرعون صاحب موسى، وهو غريبٌ جدًّا، وقِيلَ: ابن مالكٍ، وهو أخو إلياس، وقِيلَ: ابن آدم لصلبه، رواه ابن عساكر بإسناده إلى الدَّارقطنيِّ، والصَّحيح أنَّه نبيٌّ معمَّرٌ محجوبٌ عن الأبصار، وأنَّه باقٍ إلى يوم القيامة لشربه من ماء الحياة، وعليه الجماهير واتِّفاق الصُّوفيَّة، وإجماع كثيرٍ من الصَّالحين (٢)، وأنكر جماعةٌ حياتَه؛ منهم المؤلِّف وابن المُبارَك والحربيُّ وابن الجوزيِّ، ويأتي ما في ذلك من المباحث إن شاء الله تعالى، وظاهر التَّبويب أنَّ موسى ركب البحر لمَّا توجه في طلب الخضر، واستُشكِل؛ فإنَّ الثَّابت عند المصنِّف وغيره أنَّه إنَّما ذهب في البرِّ، وركب البحر في السَّفينة مع الخضر بعد اجتماعهما، وأُجِيب: بأنَّ مقصود الذَّهاب إنَّما حصل بتمام القصَّة، ومن تمامها أنَّه ركب مع الخضر البحر، فأطلق على جميعها «ذهابًا» مجازًا، من إطلاق اسم الكلِّ على البعض، أو من قَبِيلِ تسمية السَّبب باسم ما تسبَّب عنه. وعند عبد بن حميدٍ عن أبي العالية: أنَّ موسى التقى بالخضر في جزيرةٍ من جزائر البحر، ولا ريبَ أنَّ التَّوصُّل إلى جزيرة البحر لا يقع إلَّا بسلوك (٣) البحر غالبًا، وعنده (٤) من طريق الرَّبيع بن أنسٍ قال: «اِنجَابَ الماءُ عن مسلك الحوت فصار طاقةً مفتوحةً، فدخلها موسى على إثر الحوت حتَّى انتهى إلى الخضر» فهذا يوضِّح أنَّه ركب البحر إليه، وهذان الأثران الموقوفان رجالُهما ثقاتٌ (وَ) باب (قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ﴾) أي: على شرط أن تعلِّمَني، وهو في موضع الحال من الكاف (الآيةَ) بالنَّصب؛ بتقدير «فذكر» على المفعوليَّة، وزاد


(١) «اسمه»: سقط من (ص) و (م).
(٢) كذا اختيار القسطلاني
(٣) في (ص): «بعد سلوك».
(٤) في (ص): «عندهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>