للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخبر، وقد كان مشهورًا في زمن الصحابة حديث: «اتركوا التركَ ما تركوكم» فروى الطبرانيُّ من حديث معاويةَ قال: سمعت رسول الله يقوله (١). وروى أبو يَعلى من وجهٍ آخرَ، عن معاويةَ بنِ خَديجٍ (٢) قال: كنتُ عند معاويةَ، فأتاه كتابُ عامِلِه أنَّه وقع بالترك وهزمَهُم، فغضب معاويةُ من ذلك، ثمَّ كتبَ إليه: لا تقاتِلْهم حتى يأتيكَ أمري، فإنِّي سمعتُ رسولَ الله يقول: «إنَّ الترك تُجلي العربَ حتى تُلحقَهم بمَنابِت الشيح» قال: فأنا أكره قتالَهم لذلك، وقاتل المسلمون الترك في خلافة بني أمية، وكان ما بينهم وبين المسلمين مسدودًا إلى أن فُتِحَ ذلك شيئًا بعدَ شيءٍ، وكثر (٣) السبي منهم، وتنافس فيهم الملوك لِمَا فيهم من الشدَّة والبأس، حتى كان أكثرُ (٤) عسكر المعتصم منهم، ثم غلب الأتراك على المُلْك فقتلوا ابنه المتوكِّل، ثم أولادَه واحدًا بعدَ واحدٍ إلى أن خالط المملكةَ الدَّيلمُ، ثم كان الملوك السامانيَّة من التُّرك أيضًا، فملكوا بلاد العجم، ثم غلب على تلك الممالك سبكتكين ثم آل سلجوق، وامتدت مملكتهم إلى العراق والشام والروم، ثم كان بقايا أتباعهم بالشام، وهم آل زنكي، وأتباع هؤلاء وهم بيت أيوب، واستكثر هؤلاء أيضًا من التُّرك، فغلبوهم على المملكة بالدِّيار المصريَّة والشاميَّة والحجازيَّة، وخرج على آل سلجوق في المئة الخامسة الغُزُّ (٥) فخرَّبوا البلاد، وفتكوا في العباد، ثم جاءت الطامَّة الكبرى المعروفة (٦) بالتتر، فكان خروجُ جنكز خان بعد الست مئة، فاستعرتْ بهمُ الدنيا نارًا، خصوصًا المشرق بأسره، حتى لم يبقَ بلدٌ منه حتى دخله شرُّهم، ثم كان خراب بغداد، وقتل الخليفة المستعصمِ (٧) آخرِ خلفائِهم على أيديهم في سنة ست وخمسين وست مئة، ثم لم تزل بقاياهم يخرجون (٨) إلى أن كان اللنك،


(١) في النسخ: «يقول».
(٢) في (ل): «ابن حُدَيج».
(٣) في (ص) و (م): «كذا».
(٤) «أكثر»: ليس في (ص) و (م).
(٥) «الغز»: ليس في (د) و (م).
(٦) «المعروفة»: ليس في (ص) و (م).
(٧) في كل الأصول: «المعتصم» وهو وهم، انظر «البداية والنهاية» حوادث سنة ٦٥٦.
(٨) «يخرجون»: ليس في (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>