للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قومٍ لم أرَ أشدَّ اجتهادًا منهم» والفاء في قوله: «فإنَّ له أصحابًا» ليست للتعليل، بل لتعقيب الأخبار، أي: قال: دعه، ثمَّ عقَّب مقالتَه بقصَّتِهم (١) (يَقْرَؤُوْنَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ) بالمثنَّاة الفوقيَّة والقاف، جمع تَرْقُوة، بفتح المثنَّاة الفوقيَّة (٢) وسكون الراء وضم القاف بوزن «فَعْلُوة». قال في «القاموس»: ولا تُضم تاؤُه؛ العظمُ ما بين ثُغْرة النَّحْر والعاتق، يريدُ أنَّ قراءَتَهم لا يرفعُها الله ولا يقبلُها لعلمه باعتقادهم، أو أنَّهم لا يعملون بها، فلا يُثابون عليها، أو ليس لهم فيه حظٌّ إلَّا مُرُورُه على لسانهم، فلا يَصِلُ إلى حُلُوقِهِم فضلًا عن أن يصِلَ إلى قلوبهم، لأنَّ المطلوبَ (٣) تعقُّلُه وتدبُّرُه لوقوعه في القلب (يَمْرُقُونَ) يخرجون سريعًا (مِنَ الدِّينِ) أي: دين الإسلام من غير حظٍّ ينالهم منه، وفيه حُجَّةٌ لمن يُكَفِّرُ الخوارج، وإن كان المرادُ بـ «الدِّين» (٤) الطاعةَ للإمام فلا حُجَّةَ فيه، وإليه ذهب الخطَّابيُّ، وصرَّح القاضي أبو بكر ابن العربي في «شرح الترمذي» بكفرِهم مُحتجًّا بقولِه : «يمرقون من الإسلام» (كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ) بفتح الراء وكسر الميم وتشديد التحتيَّة «فعيلة» (٥) بمعنى «مفعولة»، وهي الصيدُ المرمي، والمُرُوقُ: سُرعةُ نُفُوذِ السهم مِنَ الرَّمِيَّة حتى يخرج من الطرف الآخر، ومنه: مرق البرق (٦) لخروجه بسرعة، فشبَّه مروقَهم من الدِّين بالسهم الذي يُصيب الصيد فيدخل فيه ويخرج منه، ولشدَّةِ سُرعةِ خُروجِهِ لقوَّةِ ساعدِ الرامي لا يعلَقُ بالسهمِ مِن جسدِ الصيدِ شيء. (يُنْظَرُ) بضمِّ أوَّله وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول (إِلَى نَصْلِهِ) وهو (٧) حديدةُ السهم (فَلَا يُوجَدُ فِيهِ) في النَّصْل (شَيْءٌ) مِنْ دم الصيد ولا غيرِه (ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ) بكسر الراء وبالصاد المهملة وبعدَ الألف فاءٌ، قال في «القاموس»: الرَّصَفَة محرَّكة؛ واحدةُ الرِّصاف للعَقَب، أي: بفتح القاف، وهو العصب يُعمَلُ منه الأوتار، يُلوى فوقَ الرُّعْظِ، بضمِّ (٨) الراء وسكون العين


(١) في (ص): «بقصته».
(٢) «الفوقية»: ليس في (د).
(٣) في (ص): «المراد».
(٤) في (د) و (م): «من الدين».
(٥) في غير (د) و (س): «فعلية».
(٦) في (ص) و (ل): «الفجر».
(٧) في (ب) و (د) و (س): «وهي».
(٨) في (د) و (م): «بفتح».

<<  <  ج: ص:  >  >>