للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأُجِيب: بأنَّه ورد على سبيل الحكاية عنِ الله تعالى، وأضافه تعالى إليه للتَّعظيم (فَسَأَلَ مُوسَى) (السَّبِيلَ إِلَيْهِ) أي: إلى الخضر، فقال: اللهمَّ؛ ادللني عليه (فَجَعَلَ اللهُ لَهُ) أي: لأجله (الحُوتَ آيَةً) أي: علامةً لمكان الخضر ولُقِيِّه (وَقِيلَ لَهُ): يا موسى (إِذَا فَقَدْتَ الحُوتَ) بفتح القاف (فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ) وذلك: أنَّه لمَّا سأل موسى السَّبيل إليه قال الله تعالى له: اطلبه على السَّاحل عند الصَّخرة، قال: يا ربِّ؛ كيف لي به؟ قال: تأخذ حوتًا في مِكْتَلٍ، فحيث فقدته فهو هناك، فقِيلَ: أخذ سمكةً مملوحةً، وقال لفتاه: إذا فقدت الحوت فأخبرني (وَكَانَ) وللأَصيليِّ وأبي الوقت وابن عساكر: «فكان» (يَتَّبِعُ) بتشديد المُثنَّاة الفوقيَّة (أَثَرَ الحُوتِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ) يوشع بن نونٍ، فإنَّه كان يخدمه ويتبعه ولذلك سمَّاه فتاه: (﴿أَرَأَيْتَ﴾) ما دهاني (﴿إِذْ﴾) أي: حين (﴿أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ﴾) يعني: الصَّخرة التي رقد عندها موسى ، أوِ الصَّخرة التي دون نهر الزَّيت؛ وذلك أنَّ موسى لمَّا رقد اضطرب الحوت المشويُّ ووقع في البحر؛ معجزةً لموسى أو الخضر ، وقِيلَ: إنَّ يوشع حمل الخبز والحوت في المِكْتَل، ونزلا ليلًا (١) على شاطئ عينٍ تُسمَّى: عين الحياة، فلمَّا أصاب السَّمكة روح الماء وبرده عاشت، وقِيلَ: توضَّأ يوشعُ من تلك العين، فانتضح الماء على الحوت، فعاش ووقع في الماء (﴿فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ﴾) فقدته، أو نسيت ذكره بما رأيت (﴿وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾) قال البيضاويُّ: أي: وما أنساني ذكرَه إلَّا الشَّيطانُ، فإنَّ «أن أذكره» بدلٌ من الضَّمير، وهو اعتذارٌ عن نسيانه بشغل الشَّيطان له بوساوسه، والحال وإن كانت عجيبةً لا يُنسَى مثلها، لكنَّه لمَّا ضَرِيَ بمشاهدة أمثالها عند موسى وأَلِفَها قلَّ اهتمامه بها، ولعلَّه نَسِيَ ذلك لاستغراقه في الاستبصار، وانجذاب شراشره إلى جناب القدس بما عراه من مشاهدة الآيات الباهرة، وإنَّما نسبه إلى الشَّيطان هضمًا لنفسه (﴿قَالَ﴾) موسى: (﴿ذَلِكَ﴾) أي: فقدان الحوت (﴿مَا كُنَّا نَبْغِ﴾) أي: الذي نطلبه؛ لأنَّه (٢) علامةٌ على وجدان المقصود (﴿فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا﴾) فرجعا في الطَّريق الذي جاءا فيه يقصَّان (﴿قَصَصًا﴾) أي: يتَّبعان آثارهما


(١) في (ص): «نزل ليلة».
(٢) «لأنَّه»: سقط من (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>