للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قَالَ) أبو سعيدٍ: (فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ) الصديقُ (١) (فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ أَنْ يُخْبِرَ) بالموحَّدة، مِن الخَبَرِ (رَسُولُ اللهِ عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ هُو المُخَيَّرَ) بفتح التحتيَّة المشدَّدة (وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ) (أَعْلَمَنَا) بالمراد مِنَ الكلام المذكور، فبكى حُزْنًا على فِراقه (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ) بفتح الهمزة والميم وتشديد النون؛ أفعلُ تفضيلٍ مِنَ «المَنِّ» بمعنى: العطاء والبذل، أي: إنَّ من (٢) أبذلِ الناس لنفسِه ومالهِ (أَبَا بَكْرٍ) بالنصب اسمُ «إنَّ»، والجارُّ والمجرور خبرُها، وهذا واضحٌ، ولبعضهم فيما قاله في «الفتح» وغيره: «أبو بكر» بالرفع، ووُجِّه بتقدير ضميرِ الشأن، أي: إنَّه والجارَّ والمجرور بعدَه خبرٌ مقدَّمٌ، و «أبو بكر» مبتدأٌ مؤخَّرٌ، أو على أنَّ مجموعَ الكُنية اسمٌ، فلا يُعرَبُ ما وقع فيها من الأداة، وقال صاحب «المصابيح»: قال (٣) ابن بَرِّي: هو خبر «إنَّ» واسمُها محذوفٌ، و «من أمنِّ الناس» صفتُه، والمعنى: إن رجلًا أو إنسانًا من أمن الناس عليَّ، و «من» زائدة على رأي الكِسائيِّ، وهو ضعيف، وحملُه على حذف ضمير الشأن حملٌ على الشذوذ، ولو قيل: بأنَّ «إنَّ» بمعنى: نعم، و «أبو بكر» مبتدأٌ، وما قبلَه خبرُه (٤)؛ لاستقامَ مِن غير شذوذٍ ولا ضَعْفٍ. انتهى. أو هو على مذهب مَنْ جوَّز أن يُقال: علي بن أبو (٥) طالب. قاله الكِرمانيُّ. وفي حديث ابن عبَّاسٍ عند الطبرانيِّ رفعه: «ما أحدٌ أعظمُ عندي يدًا مِن أبي بكر واساني بنفسه وماله وأنكحني ابنتَه»، وفي حديث مالكِ بن دِينارٍ عند ابن عساكرَ عن أنسٍ رفعه: «إنَّ أعظمَ الناس علينا مَنًّا أبو بكر زوَّجني ابنتَه وواساني بنفسه، وإنَّ خيرَ المسلمين مالًا أبو بكر أعتقَ منه بلالًا، وحملني إلى دار الهجرة»، وعند ابنِ حِبَّانِ عن عائشةَ قالت (٦): أنفق أبو بكرٍ على النبيِّ أربعينَ ألفَ دِرهمٍ (وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا) من الناس (غَيْرَ


(١) «الصديق»: ليس في (د).
(٢) «من»: ليس في (د) و (م).
(٣) في (د): «وقال».
(٤) في (د): «خبر».
(٥) في النسخ: «أبي»، ولا يصح.
(٦) في (ب) و (س): «قال».

<<  <  ج: ص:  >  >>