للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أذن له في إبقاء الخوخة منها إلى المسجد كانت ملاصقةً للمسجد، ولم تزل بِيَدِ أبي بكر حتى احتاج إلى شيءٍ يعطيه لبعض مَن وفد عليه فباعَها، فاشترتها منه (١) أم المؤمنين حفصةُ بأربعةِ آلافِ دِرهمٍ، وقد وقع في حديث سعد بن أبي وقَّاصٍ عند أحمدَ والنَّسائيِّ بإسنادٍ قويٍّ: «أمر رسولُ الله بسدِّ الأبواب الشارعة في المسجد وتَرْكِ باب عليٍّ»، وفي روايةٍ للطبرانيِّ في «الأوسط» برجالٍ ثقاتٍ من الزيادة: «فقالوا: يا رسول الله سددت أبوابنا (٢)؟! فقال: ما أنا سدْدتُها، ولكنَّ اللهَ سَدَّها» ونحوُه عند أحمدَ والنَّسائيِّ والحاكم ورجالُه ثقاتٌ عن زيد بن أرقمَ وابن عبَّاسٍ وزاد: «فكان يدخلُ المسجدَ وهو جنب (٣) ليس له طريقٌ غيرُه» رواه أحمدُ والنَّسائيُّ ورجالُه ثقاتٌ، ونحوه من حديث جابر بن سَمُرة عند الطبرانيِّ، وبالجملة فهي (٤) كما قاله -الحافظُ ابنُ حَجَرٍ- أحاديثُ يقوِّي بعضُها بعضًا، وكلُّ طريقٍ منها صالحٌ للاحتجاج فضلًا عن مجموعها، لكن ظاهرها يُعارِضُ حديثَ الباب، والجمعُ بينهما بما دلَّ عليه حديث أبي سعيدٍ عند الترمذيِّ: أنَّه قال لعليٍّ: «لا يحلُّ لأحدٍ أن يطرق هذا المسجد غيري وغيرك»، والمعنى: أنَّ باب عليٍّ كان إلى جهة المسجد، ولم يكن لبيته بابٌ غيرُه، فلذلك لم يأمره (٥) بِسدِّه، ومحصَّلُ الجمعِ أنَّ الأمر بسدِّ الأبواب (٦) وقع مرتين، ففي الأولى استثنى عليًّا لِمَا ذُكر، وفي الأخرى استثنى أبا بكرٍ، ولكن لا يتمُّ ذلك إلَّا بأنْ يُحمَلَ ما في قِصَّةِ عليٍّ على الباب الحقيقي، وما في قِصَّةِ أبي بكر على الباب المجازي، والمراد به: الخوخة كما صرَّح به في بعض طرقه، وكأنَّهم لمَّا أُمِروا بسَدِّ الأبواب سَدُّوها، وقد صرَّح أبو بكرٍ الكَلاباذيُّ في «معاني الأخبار»: بأنَّ بيت أبي بكرٍ كان له بابٌ مِن خارج المسجد، وخوخةٌ إلى داخل المسجد، وبيتُ عليٍّ لم يكن له بابٌ إلَّا مِن داخل المسجد. انتهى ملخصًا من «فتح الباري».


(١) «منه»: ليس في (د).
(٢) في (ب) و (س) و (ص): «أبوابها».
(٣) زيد في (ب): «و».
(٤) «فهي»: مثبت من (د) و (س).
(٥) في غير (د): «يأمر».
(٦) في (م): «الباب».

<<  <  ج: ص:  >  >>