للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(مَا بَلَغَ) من الفضيلة والثواب (مُدَّ أَحَدِهِمْ) من الطعام الذي أنفقه (وَلَا نَصِيفَهُ) بفتح النون وكسر الصاد المهملة؛ بوزن رغيف (١): النصف، وفيه أربع لغات: «نَُِصف» بكسر النون وضمها وفتحها، و «نصيف» بزيادة تحتيَّة، أي: نصف المد، وذلك لِمَا يقارنُه من مزيد الإخلاص وصدق النية وكمال النفس.

وقال الطِّيبيُّ: ويمكن أن يقال: فضيلتُهم بحسب فضيلة إنفاقهم، وعظم موقعها، كما قال تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ﴾ [الحديد: ١٠] أي: قبل فتح مكَّةَ، وهذا في الإنفاق، فكيف بمجاهدَتِهِم وبذلِهِم أرواحَهم ومُهَجَهُم، وقد أورد في «الكواكب» سؤالًا فقال: فإن قلتَ: لِمَنِ الخطابُ في قوله: «لا تسبُّوا أصحابي» والصحابةُ هم الحاضرون؟ وأجاب: بأنَّه لغيرِهم مِنَ المسلمين المفروضين في العقل، جعل مَن سيُوجَدُ كالموجود، ووجودَهم المترقب كالحاضر، وتعقَّبه في «الفتح» بوقوع التصريح في نفس (٢) الحديث كما يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى: بأنَّ المخاطبَ بذلك خالدُ بنُ الوليد، حيث كان بينه وبين عبد الرحمن بن عوف شيءٌ فسبَّه خالد، وهو مِنَ الصحابة الموجودين إذ ذاك باتفاق، وقرَّر أنَّ قوله: «فلو أنفق أحدُكم … » إلى آخره فيه إشعارٌ بأنَّ المراد بقوله أولًا: «أصحابي» أصحابٌ مخصوصون، وإلَّا فالخطابُ كان أولًا للصحابة، وقال: «لو أنَّ أحدُكم أنفق» فنهيُ بعضِ مَن أدرك النبي وخاطبه بذلك عن سبِّ مَن سبقه؛ يقتضي زجرَ مَن (٣) لم يدركِ النبيَّ ولم يخاطبه عن سبِّ مَن سبقه مِن باب أولى، وتعقَّبه في «العمدة»: بأنَّ الحديث (٤) الذي فيه قِصَّةُ خالدٍ لا يدُلُّ على أنَّه المخاطبُ بذلك فإن الخطاب لجماعةٍ، ولئن سلَّمنا أنَّه المخاطب فلا نُسَلِّم أنَّه (٥) كان إذ ذاك صحابيًّا بالاتفاق؛ إذ يحتاج إلى دليل، ولا يظهر ذلك إلَّا بالتاريخ. انتهى. وليس في النسخة التي عندي من «الانتقاض» جواب عن ذلك.


(١) في (ص): «رغيفه».
(٢) في (م): «تضمن الأثر».
(٣) في (م): «ما».
(٤) «بأن الحديث»: ليس في (م).
(٥) زيد في (م): «المخاطب بذلك أنه».

<<  <  ج: ص:  >  >>