للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ رَسُولِ اللهِ ) بمعجمة فيهما، مِنَ الفظاظة والغِلْظة، بصيغة «أفعل» التَّفضيل المقتضية للشِّرْكة في أصل الفعل، لكن يُعارِضُه قولُه تعالى: ﴿وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ﴾ [آل عمران: ١٥٩] وأجيبَ بأنَّ الذي في الآية يقتضي نفيَ وجودِ ذلك له صفةً لازمةً له، فلا يستلزمُ ما في الحديث، بل مجرَّدُ وجودِ الصِّفةِ له في بعض الأحوال كإنكارِ المنكَرِ مثلًا، وقد كان لا يواجِهُ أحدًا بما يَكرَهُ إلَّا في حقٍّ من حقوق الله ﷿، وكان عمرُ مبالغًا في الزَّجرِ عن المكروهاتِ مطلقًا، وفي طلبِ المندوباتِ كلِّها، فمِن ثَمَّ قال النِّسوة له ذلك (فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ : إِيْهًا يَا ابْنَ الخَطَّابِ) بكسر الهمزة وسكون التَّحتيَّة منوَّنًا منصوبًا، قال في «الفتح»: وهي روايتنا، أي: لا (١) تبتدِئْنا بحديث، ولأبوي الوقت وذَرٍّ: «إيهٍ» بالكسر والتَّنوين، وفي بعضِها: بالكسر بغير تنوين (٢) أي: حدِّثنا ما شئتَ، فكأنَّه يقول: أقبلْ على حديثٍ نَعْهَدُه منك، أو على أيِّ حديثٍ كان، وأعرضْ عنِ الإنكار عليهنَّ، وحكى السفاقسيُّ: «إيهِ» بكسرةٍ واحدةٍ في الهاء، وقال: معناه: كُفَّ عن لومِهِنَّ، وقال في «القاموس»: «إِيهِ» بكسر الهمزة والهاء وفتحها وتُنوَّن المكسورة؛ كلمةُ استزادة واستنطاق، و «إيهْ» بإسكان الهاء: زجرٌ بمعنى: حسبُك، و «إيه» مبنيَّةٌ على الكسر، فإذا وُصِلَتْ نُوِّنَتْ، و «إيهًا» بالنَّصب وبالفتح: أمرٌ بالسُّكوت. انتهى. وقال في «المصابيح»: فإن قلت: قد صرَّحوا بأنَّ ما نُوِّنَ مِن أسماء الأفعال نكرةٌ، وما لم يُنَوَّن منها معرفةٌ، فعلى كونها معرفةً؛ فمن أيِّ أقسام المعارفِ هيَ؟ وأجاب: بأنَّ ابنَ الحاجب في «إيضاحه على المفصَّل» قال: إنَّه ينبغي إذا حُكِمَ بالتَّعريف أن تكون أعلامًا مُسمَّياتُها الفعلُ الذي هي بمعناه، فتكونُ علمًا لمفعوليته، وإذا حُكِمَ بالتَّنكير أن تكون لواحدٍ مِن آحاد الفعل الذي يتعدَّد اللفظُ به، واختَلَفَ حينئذٍ المعنى بالاعتبارين، فـ «صه» بدون تنوينٍ كـ «أسامة» وبالتَّنوين كـ «أسد»، وقال في «شرح المشكاة»: لا شَكَّ أنَّ الأمر


(١) «لا»: ضرب عليها في (م).
(٢) في (م): «بالكسر بغير تنوين، وفي بعضها بالكسر والتنوين»، وسقط قوله: «وفي بعضها بالكسر بغير تنوين» من (ب) و (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>